للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بقلعة دمشق، فأرسل إليه الأمير أياجي يعتذر له عن ذلك بأن هذا في سجن السلطان ولا أقدر على إطلاقه من السجن إلا بمرسوم السلطان.

ثم أن نائب قلعة دمشق حصن القلعة تحصينا عظيما، وركب عليها المكاحل بالمدافع، وأرسل يقول لأهل المدينة: "لا تفتحوا دكانا ولا سوقا، ولا تبيعوا على عسكر حلب شيئا".

فلما بلغ الأمير بيبغا أروس ذلك اشتد به الغضب، وأمر عسكره بأن ينهبوا ضياع دمشق والبساتين، ويقطعوا الأشجار. فلما سمعوا هذه المناداة ما أبقوا ممكنا من الأذى والفساد، فنهبوا حتى النساء والبنات والقماش. وجرى على أهل دمشق من بيبغا أروس ما لم يجر عليهم من عسكر غازان لما أن دخل إلى دمشق.

فلما جاءت الأخبار بذلك إلى السلطان علق الجاليش وتجهز للخروج إلى دمشق، ثم عين الأمير عمر شاه - وهو صاحب القنطرة - وعين محمد بن بكتمر الساقي، والأمير قماري الحموي بأن يخرجوا إلى الصعيد قبل خروج السلطان لحفظ البلاد من فساد العربان وصون الغلال، فخرجوا من يومهم.

ثم أن السلطان خرج من القاهرة قاصدا نحو البلاد الشامية، فطلب طلبا عظيما، وخرج معه من يذكر من الأمراء، وهم: الأمير طاز، والأمير شيخو العمري، والأمير صرغتمش، والأمير استدمر العمري، وأخوه الأمير طاز، والأمير جردمر، والأمير قرابغا، والأمير بنجاص، والأمير قجا السلحدار، والأمير قطلوبغا الذهبي، وبقية الأمراء المقدمين، وكان مع السلطان الطبلخانات والعشراوات نحو ثمانين أميرا.

ثم أن السلطان ترك في القاهرة الأمير قبلاي نائب السلطنة، ومعه ثلاثة أمراء لصون المدينة.

ثم خرج السلطان من القاهرة في يوم الثلاثاء سابع شهر شعبان سنة ثلاث وخمسين وسبعمائة، وكان صحبته القضاة الأربعة، والخليفة الإمام أحمد الحاكم بأمر الله ابن المستكفي بالله ابن الإمام أحمد الحاكم بأمر الله، وسائر العسكر قاطبة، فكان وصول السلطان إلى دمشق في شهر رمضان، فنزل بالقصر الأبلق الذي في الميدان، وصلى الجمعة في جامع بني أمية. وكان الأمير بيبغا أروس لما بلغه وصول الملك الصالح إلى دمشق رحل عنها. ثم أن السلطان طلع إلى قلعة دمشق وأقام بها، وأمر جماعة من الأمراء والعسكر بأن يتوجهوا خلف الأمير بيبغا ومن معه من النواب، فخرجوا إليهم وتقاتلوا معهم.

فلما كان ثلاث شهر شوال جاءت الأخبار من عند السلطان بأنه قد انتصر على الأمير بيبغا أروس، وانكسر بيبغا وهرب إلى بلاد التراكمة، وقبض على جميع من كان معه من

<<  <  ج: ص:  >  >>