النواب والعسكر ودخلوا بهم إلى دمشق وهم في جنازير وقيود، وكان لهم في دمشق يوم مشهود لم يسمع بمثله.
ثم أن السلطان جلس في القصر الأبلق بالميدان، واجتمع الأمراء عنده في القصر، ودخل العسكر إلى الميدان، ثم أحضروا النواب بين يدي السلطان فعاتبهم على ما فعلوا، ثم أمر بتوسيطهم فوسطوا ستة من الأمراء وهم: الطنبغا برقاق نائب صفد وهو صاحب الدرب المنسوب إليه، والأمير طنبغا الأوجاني المعروف بحلاوة، والأمير مهدي العلائي شاد الدواوين بحلب، والأمير استبغا التركماني، والأمير الطنبغا شاد الشرنجاناه، والأمير شادي أخو الأمير أحمد نائب حماه. ثم أراد أن يوسط الأمير بكتمر السعيدي، فشفع فيه الأمراء فحبس بقلعة دمشق.
ثم أن السلطان قصد أن يتوجه نحو الديار المصرية، فخرج من الشام - بعد ما عزل من عزل وولى من ولى - وسار حتى دخل القاهرة في أواخر شوال من السنة المذكورة، فكان يوم دخوله إلى القاهرة يوما مشهودا، وزينت له وحملت على رأسه القبة والطير، وفرشت له الشقق الحرير من باب النصر إلى القلعة … وهو في غاية العز والنصرة، والأمراء مشاة بين يديه، ولعبوا قدامه بالغواشي الذهب، ونثروا عليه الذهب والفضة، وضج له الناس بالدعاء.
وكان محبا للرعية قليل الأذى، فلما استقر بالقلعة ومضى عليه أيام يسيرة قبض على الصاحب علاء الدين بن زنبور، وكان قد عظم أمره ونمت أمواله، واجتمع فيه من الوظائف السنية ما لم يجتمع في غيره، فكان وزيرا وناظر الجيوش المنصورة وناظر الخواص الشريفة … فتعاظم على الناس بقوة البأس.
فلما قبض عليه السلطان ضربه ضربا شديدا، وقيده ونفاه إلى قوص، واحتاط على موجوده من صامت وناطق، فكان كما قيل في المعنى:
ومباشر السلطان شبه سفينة … في البحر ترجف دائما من خوفه
ان أدخلت من مسائه في جوفها … أدخلها، وماءها، في جوفه
قال قاضي القضاة برهان الدين بن جماعة رحمة الله عليه: "وقفت على قوائم فيها ما ضبط من موجود الصاحب علاء الدين بن زنبور، وهو: قماش ملون ما بين صوف وحرير ألفان وستمائة قطعة. منها مفرى بسمور ووشق وسنجاب وقاقوم ألفا قطعة، جنداب بوجهين ستمائة قطعة. جبينات خمسة آلاف قطعة. أواني ذهب وفضة زنتها نحو