بكتوت الأزرقي، وكانا جناحي الملك العادل كتبغا. فلما بلغه ذلك رجع إلى دمشق في نفر قليل من العسكر.
فلما رجع كتبغا إلى دمشق احتوى الأمير لاجين على خزائن المال، وركب تحت العصائب السلطانية، وقصد التوجه إلى الديار المصرية … هذا ما كان من أمر الأمير لاجين.
وأما ما كان من أمر الملك العادل كتبغا فإنه لما رجع إلى دمشق، أقام بها ثلاثة عشر يوما وهو بقلعة دمشق، وقد أطاعه أهلها وتعصبوا له، فما مضى قليل حتى جاءت الأخبار من القاهرة بأن لاجين قد تسلطن بمصر وتلقب بالملك المنصور، فعند ذلك انحل برم الملك العادل كتبغا وانصرف عنه الناس.
فلما كان يوم الخميس ثامن ربيع الأول من السنة المذكورة، وصل إلى دمشق الأمير حسام الدين لاجين استادار العالية، وعلى يده مراسيم لقضاة دمشق وللأمراء، فاجتمعوا بدار السعادة وقرأوا مراسيم السلطان لاجين على القضاة والأمراء بأن يحضروا الملك العادل كتبغا ويشهدوا عليه بالخلع من السلطنة، فقام قاضي القضاة بدر الدين ابن جماعة الشافعي - هو والأمير لاجين الاستادار - ودخلوا على العادل كتبغا وهو بقلعة دمشق، وتكلموا معه. فلما رأى كتبغا عين الغلبة اذعن وأشهد على نفسه بالخلع.
ثم في يوم الاثنين وصل إلى دمشق الأمير قفجق المنصوري، وقد استقر نائب الشام.
فلما دخل دمشق نزل بدار السعادة، وأرسل خلف العادل كتبغا وقال له:"إن السلطان المنصور لاجين يسلم عليك ورسم لك بان تتوجه إلى مدينة صرخد ويرتب لك ما يكفيك". .. فقال:"السمع والطاعة،".
وخرج من يومه على صرخد وهو معزز مكرم، ومعه عياله ومماليكه وغلمانه وبركه، وتوجه إلى صرخد فأقام بها … فكانت مدة سلطنته بالديار المصرية والديار الشامية إلى أن خلع من السلطنة نحو سنتين إلا شهرين.
فلما توجه إلى صرخد أقام بها إلى سنة تسع وتسعين وستمائة، فلما عاد الملك الناصر محمد بن قلاون إلى السلطنة في المرة الثانية انعم على الملك العادل كتبغا بمملكة حماة وأعمالها. وكان الملك الناصر يميل إلى كتبغا دون أبيه، فاستمر كتبغا في حماه إلى أن مات، وكانت وفاته في يوم عيد النحر من سنة اثنتين وسبعمائة، ودفن بحماة، ثم نقل بعد ذلك إلى دمشق ودفن بسفح جبل قاسيون.
وكان كتبغا رجلا قصير القامة، أجرد اللحية، اسمر اللون، وكان موصوفا بالشجاعة، وكان دينا خيرا سليم الباطن. ومات وله من العمر نحو ثلاث وستين سنة.