للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكان له من العمر لما تولى السلطنة نحو من ثمان وثلاثين سنة أو زيادة على ذلك.

وكانت أمه خوند زينب بنت خاصبك. وكان كامل الهيبة، حسن الشكل، أبيض اللون، مستدير اللحية، أسود الشعر، طويل القامة، غليظ الجسد … وكان كفئا للسلطنة … ولكن لم يساعده الزمان، وجنى عليه وخان، كما قيل:

إذا طبع الزمان على اعوجاج … فلا تطمع لنفسك في اعتدال

فلما تم أمره في السلطنة عمل الموكب وجلس على سرير الملك، وقال فيه القائل:

بمهجتي أفدي مليكا غدا … مؤيدا بالنصر كالشمس

فلو تراه فوق كرسيه … لقلت هذا آية الكرسي

ثم أخذ في تدبير ملكه، وخلع على من يذكر من الأمراء وهم: المقر السيفي خشقدم الناصري أمير سلاح، فقرره في الأتابكية عوضا عن نفسه، وأخرج له مكتوبا باقطاعه الذي كان بيده، وخلع على جرباش المحمدي - المعروف بكرت - وقرره في امرية سلاح. وخلع على قرقماس الجلب وقرره في امرية مجلس عوضا عن جرباش كرت.

وخلع على قانم التاجر وقرره رأس نوبة النوب عوضا عن قرقماس الجلب. وقرر في تقدمة جرباش كرت بيبرس خال الملكالعزيز. ثم شعرت تقدمة فأراد أن ينعم بها على صهره الأمير برد بك الدوادار الثاني، فوقف إلهي جاني بك الظريف وباس الأرض وطلب التقدمة التي شغرت، فأبى السلطان من ذلك، وحصل بين جاني بك الظريف وبين الأمير يونس الدوادار الكبير في ذلك اليوم تشاجر بسبب ذلك، ونزل جانى بك الظريف من عند السلطان غير راض، وكان ذلك سببا في سرعة زوال الملك المؤيد أحمد عن قريب.

ثم أنا السلطان نادى في الحوش للعسكر بأن نفقة البيعة في يوم الثلاثاء عشرى هذا الشهر لكل مملوك عشرون دينارا، فسر الجند بذلك وارتفعت له الأصوات بالدعاء … هذا كله جرى ووالده الأشرف في قيد الحياة، إلى أن مات في يوم الخميس بعد العصر. وذلك في خامس عشر جمادي الأولى من تلك السنة. فلما مات شرعوا في تجهيزه، وأخرجوه عند باب الستارة، وصلى عليه الخليفة وولده الملك المؤيد أحمد، ثم نزلت جنازته من سلم المدرج وتوجهوا به إلى تربته التي أنشأها بالصحراء كما تقدم.

<<  <  ج: ص:  >  >>