فاقت بناء الملوك طرا … فالمدح في وصفها يلائم
تسقى بميدانه رياض … ناحت بأغصانه الحمائم
أشجاره بالنسيم مالت … وزهرها فاح في الكمائم
وأنشأ به بحرة تحاكي … كالنيل أمواجها ملاطم
وغردت حولها القماري … سماعها هيج العزائم
فعش هنيئا بملك مصر … في نصرة دائم الدوائم
ما رقص الريح غصن روض … ونقطت لؤلؤ الغمائم
ابن إياس محمد قد … أتى بدر المديح ناظم
عرائسا بالعقود تجلي … تأليفها حير النواظم
ختمتها بالصلاة مني … على نبي للرسل خاتم
محمد أشرف البرايا … في الخلق والخلق والعزائم
صلى وسلم عليه ربي … ما دام هذا الوجود قائم
والآل والصحب ما تغني … حاد بواد العقيق هائم
انتهى ما أوردناه من أخبار سنة خمس عشرة وتسعمائة، وقد نظم الشيخ بدر الدين الزيتوني في معنى ما قلته هذه الأبيات، وهو قوله من قصيدة مطولة:
يا حبذا الميدان من جنة … مساكن الولدان والحور
أغصانه هب عليها الهوى … من كل ممدود ومقصور
أطياره في دوحها غردت … من كل مسموع وعصفور
وكل سن ضاحك مطرب … وكل حسون وزرزور
وبلبل هيج بلبالنا … ومن هزار حول شحرور
وبحرة مذهب فيها الهوى … جعدها تنقيش تصوير
في جمع تصحيح ترى ماءها … وبالهوى في جمع تكسير
ومجرة الميدان إنشاءه … عقودها دور على دور
وعمر الروضة صارت به … أماكنا عامرة الدور
وجدد المقياس حتى غدت … تزهو بمنظوم ومنثور
وفي طريق الحج كم منهل … عمره في غاية الحير
وعين بازان جرى ماؤها … تجديدها آمنا من الغور
وأنشأ بمصر جامعا لم يزل … بيتا بذكر الله معمور