للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والأمراء وأقام بها أياما، وصار يركب من هناك ويسير ويتصيد، وقيل: إنه توجه إلى جسر أم دينار وكشف عليه ثم رجع إلى الوطاق.

ثم أنه في يوم الجمعة رحل من المنصورية وعاد إلى إنبابة فأقام بها في ذلك اليوم، وكان أشيع بين الناس بأن السلطان يحرق هناك في ليلة السبت إحراقة نفط، فتوجهت إليه الناس أفواجا أفواجا بسبب الفرجة فلم يصح أمر النفط هناك، وقد استخف عقل السلطان جماعة من الأمراء في هذه التشوطة التي شوطها في هذه الأيام الشاتية، وقد حصل للأمراء والعسكر غاية الكلفة والمشقة من غير سبب يوجب ذلك. وكان السلطان أخذ صحبته محفة وقويت الإشاعة بين الناس بأن السلطان يتوجه من هناك إلى الفيوم وقيل:

إلى ثغر الإسكندرية فلم يصح ذلك.

فلما كان يوم السبت ثالث عشرينه صلى السلطان العصر بالوطاق، ثم عدى من هناك إلى بولاق وقصد التوجه إلى القلعة، فطلع من على قناطر السباع وشق من الصليبة، وكان في موكب هين بخلاف ستة أنفس وهم: الأمير طومان باي الدوادار والأمير علان الدوادار الثاني أحد المقدمين والأمير أنص باي حاجب الحجاب والأمير تمر أحد المقدمين والأمير خاير بك الكاشف أحد المقدمين والأمير ماماي جوشن أحد المقدمين وبعض أمراء عشراوات وبعض خاصكية مشاة. وكان قدامه جماعة من أرباب الوطائف من أعيان المباشرين، خلا القاضي كاتم السر ابن أجا فإنه كان عليلا منقطعا عن الركوب، وكان السلطان والأمراء بتخافيف صغار وسلاريات صوف بسمور. وكان قدام السلطان بعض جنائب ونوب هجن، وكان قدامه طبلان وزمران النفير البرغشي فطلع إلى القلعة قبل المغرب بخمس درجات. فكانت مدة غيبته في هذه التشوطة ثمانية أيام.

وفي يوم السبت المقدم ذكره حضر مبشر الحاج وأخبر بالأمن والسلامة، وقد وصل من مكة إلى القاهرة في أحد عشر يوما فعد ذلك من النوادر.

وقد خرجت هذه السنة المباركة عن الناس على خير وسلامة، وكانت سنة مباركة وقع فيها الرخاء في سائر الغلال، وأخصب فيها الزرع والفواكه والبطيخ، وكان النيل فيها عاليا وثبت إلى أواخر بابه، وكانت سنة مباركة غير أنها كانت كثيرة الحوادث، ووقع فيها الطاعون في أوائلها، وحصل فيها توعك للسلطان في عينه حتى أشرف على العمى ثم شفي من ذلك. وحصل فيها عزل للقضاة الأربعة في يوم واحد وولي السلطان أربعة قضاة عوضهم في يوم واحد، وكان السلطان أبطل المجامعة والمشاهرة التي كانت تؤخذ من جهات الحسبة ففرح الناس بذلك. ثم بدا للسلطان إعادة ما أبطله من وجوه المظالم فشق

<<  <  ج: ص:  >  >>