للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد اضطربت الأحوال في هذه الأيام إلى الغاية وصار المماليك يقتلون من يلوح لهم عليه مضرب لأجل إقطاعه، وإذا عرضوا من يقتل على السلطان فيتغافل عن ذلك، والأمر إلى الله تعالى.

وفي يوم الخميس خامسه تغير خاطر السلطان على الأمير جاني بك الأستادار فقبض عليه وأودعه في الترسيم حتى يقيم الحساب، فانتدب إلى عمل حسابه شمس الدين بن عوض والشرفي يونس النابلسي الذي كان أستادارا، فالتزموا بأن يبقوا عليه في حساب الديوان المفرد خمسة وثلاثين ألف دينار، فاستمر في الترسيم بالقلعة حتى يكون من أمره ما يكون، وكان جاني بيك ظالما عسوفا غير محبب للناس، فلم يرث له أحد في هذه الكائنة التي وقعت له.

وفي يوم السبت سابعه تعطل اللحم الذي كان يطلع إلى طباق المماليك الأجلاب فضجوا في ذلك اليوم وكادت أن تقع فتنة كبيرة، وكان الوزير يوسف البدري مسافرا في جهة البحيرة وديوان الدولة في غاية الاضطراب، وقد تعطلت لحوم جماعة من المماليك القرانصة نحوا من ستة أشهر لم تصرف لهم من حين عزل المعلم على الصغير ومات عقيب ذلك، فكثر الكلام في حق السلطان من المماليك وربما ينتشي من ذلك فتنة، وكان في تلك الأيام ديوان المفرد وديوان الدولة وديوان الخاص في غاية الانشحات والتعطيل، فإن بندر الإسكندرية خراب ولم تدخل إليه البضائع في السنة الخالية، وبندر جدة خراب بسبب تعبث الفرنج على التجار في بحر الهند فلم تدخل المراكب بالبضائع إلى بندر جدة نحوا من ست سنين، وكذلك جهة دمياط، وكانت جهة البحيرة في هذه الأيام في غاية الاضطراب بسبب فساد العربان من حين مات الجويلي وولي ابن أخيه عوضه.

وفي يوم السبت المذكور نزل السلطان وتوجه إلى قبة الأمير يشبك التي بالمطرية، وأقام بها ذلك اليوم … كل هذا من ضيقة حضيرته من أجل هذه الأحوال التي هي غير صالحة، والأمير إلى الله.

وفي يوم الأربعاء حادي عشره جلس السلطان بالحوش وعرض جماعة من خاصكيته فقط وفرق عليهم خوذا نحو ثمانمائة خوذة، وفرق عليهم أيضا بركستوانات ما بين مخمل ملون وفولاذ وذلك نحو ستمائة بركستوان، وكان قبل ذلك بمدة يسيرة فرق عليه زرديات وأتراسا ورماحا بسن وسيوفا مسقطة بفضة، وفرق عليهم أيضا تراكيش وقسيا ونشابا.

وكان ذلك بالزردخاناه من مواجيد المماليك الذين ماتوا في الفصل في السنة الخالية، ولم يفرق موجودهم إلا في هذا الشهر.

<<  <  ج: ص:  >  >>