ودفن على جده سوار في تربته التي تجاه يشبك الدوادار، وقتل سنان باشا وزير ابن عثمان الأكبر.
وفي ذلك يقول الشيخ بدر الدين الزيتوني:
نبكي على مصر وسكانها … قد خربت أركانها العامرة
وأصبحت بالذل مقهورة … من بعد ما كانت هي القاهرة
وفي يوم الاثنين - سلخ سنة اثنتين وعشرين وتسعمائة - دخل أمير المؤمنين محمد المتوكل على الله القاهرة، وصحبته وزراء ابن عثمان والجم الكثير من العساكر العثمانية، ودخل ملك الأمراء خاير بك، ودخل قاضي القضاة الشافعية كمال الدين الطويل، والقاضي المالكي محيي الدين الدميري، والقاضي الحنبلي شهاب الدين الفتوحي، وكل هؤلاء كانوا في أسر ابن عثمان من حين مات السلطان الغوري.
فلما دخل الخليفة من باب النصر، شق القاهرة وقدامه المشاعلية تنادى للناس بالأمان والاطمئنان، والبيع والشراء، والأخذ والعطاء، وأن لا أحد من العسكر العثماني يشوش على أحد من الرعية. وقد أغلق باب الظلم وفتح باب العدل، وأن كل من كان عنده مملوك جركسي ولا يغمز عليه وظهر عنده يشنق من غير معاودة، والدعاء للملك المظفر سليم شاه بالنصر. فضج له الناس بالدعاء، ولكن لم يتلفت أحد من العثمانية لهذه المناداة، وصاروا يحبون بيوت أولاد الناس، حتى بيوت الربوع في حجة أنهم يفتشون على المماليك الجراكسة فاستمر النهب والهجم عمالا في بيوت الأمراء والعسكر وأهل البلد ثلاثة أيام متوالية لا يتردون خيلا ولا بعالا ولا قماشا ولا قليلا ولا كثيرا، وما أبقوا في ذلك ممكنا.
ودخل في ذلك اليوم يونس العادلي، وخشقدم الذي كان مشد الشون بمصر، وكان قد هرب من الغوري إلى البلاد العثمانية، وهو الذي كان سببا لهذه الفتنة العظيمة.
وفي يوم الجمعة خطب باسم السلطان سليم شاه على منابر مصر والقاهرة، وقد ترجم له بعض الخطباء في خطبته فقال:"وانصر اللهم السلطان ابن السلطان، ملك البرين والبحرين، وكاسر الجيشين، وسلطان العراقين، وخادم الحرمين الشريفين، الملك المظفر سليم شاه. اللهم انصره نصرا عزيزا، وافتح له فتحا مبينا يا مالك الدنيا والآخرة يا رب العالمين".