وفيها اشترى السلطان مملوكه تمربغا الأفضلي المعروف بمنطاش - وهو أخو الأمير تمرباي الدمرداشي - فأقام مدة، ثم أن السلطان أعتقه وأخرج له خيلا وقماشا وصار جمدارا.
وفيها أرسل الأمير بهادر المنجكي استادار العالية إلى يلبغا الناصري نائب حلب فقال له:"قم كلم السلطان". فلما خرج من حلب ووصل إلى غزة قبض عليه، وقيده وأرسله إلى السجن بثغر الاسكندرية.
وكان سبب تغير خاطر السلطان على يلبغا الناصري أنه بلغه عنه أنه متواطئ مع الأمير سولى ابن ذي الغادر أمير التركماني، وقد اتفقا على العصيان. فلما تحقق السلطان ذلك أرسل قبض على يلبغا الناصري وسجنه بثغر الاسكندرية.
ثم أن السلطان عمل الموكب وخلع على الأمير سودون المظفري واستقر به نائب حلب عوضا عن يلبغا الناصري. ثم أن السلطان أرسل الأمير جمال الدين محمود شاد الدواوين إلى حلب بسبب الحوطة على موجود يلبغا الناصري، وتوجه الأمير محمود إلى حلب بسبب ذلك.
وفي هذه السنة قبض السلطان على الأمير الطنبغا الجوباني أمير مجلس. فلما قبض عليه السلطان شفع فيه الأمراء، فخلع عليه ورسم له بأن يكون نائب الكرك، فخرج إليها من يومه وتوجه إلى هناك.
وفيها خلع السلطان على القاضي محب الدين بن الشحنة الحنفي، واستقر به قاضي القضاة الحنفية بحلب عوضا عن قاضي القضاة جمال الدين بن العديم بحكم وفاته. وكان ابن العديم هذا من أعيان علماء الحنفية، وكانت وفاته بحلب، وعاش من العمر نحو ثمان وسبعين سنة.
وفي هذه السنة - وهي سنة سبع وثمانين وسبعمائة - رسم السلطان الملك الظاهر برقوق بابطال ما كان يعمل في يوم النوروز، وهو أول يوم من السنة القبطية. ومما كان يعمل في ذلك اليوم بالديار المصرية أنه كان يجتمع في ذلك اليوم السواد الأعظم من الناس الأسافل، فيقفون على أبواب الأكابر من أعيان الدولة، فيكتب أمير النوروز وصولات بالجمل الثقال، وكل من امتنع من الاعطاء من الأكابر بهدلوه وسبوه سبا قبيحا، ولا يزالون مترسمين على بابه حتى يأخذوا منه ما يقرون عليه من الدراهم بحسب ما يقرره عليه أمير النوروز، فيأخذوا ذلك منه غصبا ويمضوا وكان ذلك السواد الأعظم العياق، يقفون في الطرقات ويتراشون بالماء المتنجس، ويتراجمون بالبيض التي في وجههم، ويتصافعون بالأنطاع والأخفاف، ويقطعون على الناس الطريق، ويمتنع الناس من