المشرفة بأن يتوجه إلى المدينة المشرفة - على صاحبها أفضل الصلاة والسلام - ويحارب على بن عطية.
وفيه توفى الحافظ ناصر الدين بن عشائر الحلبي، وكان فقيها محدثا بارعا في كل علم.
وفي جمادى الأولى توفى أشقتمر المارديني نائب الشام، فلما مات أفرج السلطان عن الطنبغا الجوباني - وكان بالكرك - فأرسل إليه خلعة واستقر نائب الشام عوضا عن أشقتمر المارديني. وفيه توقف النيل عن الزيادة والوفاء، ونقص عما زاده، واضطربت الأحوال وقلق الناس لذلك، ثم رد النقص وأوفى على العادة، وقد قال بعضهم:
النيل قد أوفى بحمد الهنا … وجرى على العادات بعد توقف
وغدا يقول لأهل مصر وغيرهم: … من ذا يفي في مصر ان أنا لم أف؟
وفي جمادي الآخرة ظهر في السماء كوكب من جهة الشمال إلى جهة العرب، وكان غريب الصفة له ثلاث شعب، في احداها ذنب طويل قدر رمح، وله ضوء زائد كضوء القمر، فأقام مدة ثم تحول من جهة المغرب إلى جهة الجنوب، فلما تحول سمع له صوت شديد مثل الرعد، وكان ذلك بعد العشاء.
وفيه حضر إلى الأبواب الشريفة الأمير طغاى - وكان قد توجه إلى بلاد الشرق لأخبار تمرلنك - فلما حضر أخبر السلطان أن جاليش تمرلنك قد وصل إلى الرها وكسر قرا محمد أمير التركمان، وأن بوادر عساكر تمرلنك قد وصلت إلى ملطيه.
فلما تحقق السلطان ذلك أمر بعقد مجلس بالقصر الكبير، وطلب القضاة الأربعة والخليفة وشيخ الإسلام سراج الدين عمر البلقيني وأعيان المشايخ المفتين وحضر سائر الأمراء. فلما تكامل المجلس تكلم السلطان مع الخليفة والقضاة الأربعة في أرم تمرلنك. ثم أن السلطان تكلم في أخذ مال الأوقاف من الجوامع والمدارس وغيرها، فلم يوافق شيخ الإسلام على ذلك ولا القضاة الأربعة، فشكا لهم السلطان بأن الخزائن خالية من الأموال، والعدو زاحف على البلاد، وان لم تخرج العسكر بسرعة والا وصل إلى حلب والشام
والعسكر لا تسافر بلا نفقة. فوقع في المجلس جدال عظيم، ودافعوا السلطان وأغلظوا عليه في القول.
فلما طال الأمر وقع الاتفاق - بحضور الخليفة والقضاة الأربعة - بأن يؤخذ من مال الأوقاف أجرة الأماكن وخراج الأراضي سنة كاملة، وتبقى الأوقاف على حالها. وانفصل