للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشامية في أيامه … من تمرلنك ومن عصيان النواب، وخربت أوقاف الناس التي بالبلاد الشامية في أيامه لما عصى جكم العوضي وتسلطن بحلب. وكم قتل من أبطال، ويتم من أطفال، وجرت في أيامه أمور شتى يطول شرحها عن هذا المختصر، حتى فرج الله تعالى بموته وزوال دولته. وكانت الناس معه في غاية الضنك.

وكانت صفته أبيض اللون يميل إلى صفرة، أشهل العينين، وافر الأنف، نحيف الجسد، معتدل القامة، عربي الوجه، مستدير اللحية، أشقر الذقن، مهيب الشكل، وكانت أمه رومية، فجمع بين قبح الفعل والشكل، وكان كل من يراه يرعد لشدة بأسه وعظمة سطوته.

وأما ما أنشأه بالديار المصرية من العمائر فهو المدرسة التي تجاه باب زويلة التي تسمى الدهيشة، وعمر الجامع الذي هو داخل الحوش السلطاني بالقلعة، وجدد بالدهيشة التي بالقلعة أشياء كثيرة، وعمر الربعين اللذين عند جامع الصالح خارج باب زويلة، وله غير ذلك أشياء كثيرة من الانشاء بالديار المصرية.

وأما من توفى في أيامه من الأعيان فمنهم شيخ الإسلام سراج الدين عمر البلقيني الشافعي، وتوفى القاضي تقي الدين بن الشهيد صاحب ديوان الانشاء، وتوفى في أيامه القيم خلف الغبارى صاحب الازجال اللطيفة، وكان فريد عصره في هذا الفن الشريف بدمشق، وتوفى الشيخ شمس الدين الشهير بالمزين، وكانا من أعيان دمشق. فلما بلغ الشيخ عز الدين الموصلي وفاتهما - وكانا من أضداده - أنشد يقول:

دمشق قالت لنا مقالا … معناه في ذا الزمان بين

اندمل الجرح واستراحت … ذاتي من الفتح والمزين

وتوفى الشيخ زين الدين بن العجمي عين كتاب الانشاء بالديار المصرية، وكان له شعر جيد، فمن ذلك قوله:

انظر إلى الغدران كيف تجعدت … أمواجها فزهت وراقت منظرا

وحكت سطورا في طروس خطها … قلم النسيم بلطفه لما انبرى

وتوفى الشيخ علاء الدين بن أيبك الدمشقي، وكان من فحول الشعراء.

<<  <  ج: ص:  >  >>