للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بسبب عبد قاسم الكاشف الذي كان قد اشتهر بالصلاح، فعند ذلك نفى السلطان الأمير قاني بك إلى ثغر دمياط.

فلما جرى ذلك سعى القاضي أبو الخير ابن النحاس وكيل بيت المال - هو والأمير تمربغا الدوادار الثاني - للأمير خشقدم، فأحضره السلطان من دمشق، وأنعم عليه باقطاع الأمير قاني بك حاجب الحجاب، وذلك في صفر سنة أربع وخمسين وثمانمائة، فأقام على ذلك إلى أن مات الملك الظاهر جقمق وتسلطن الملك الأشرف اينال، فبقي الأمير خشقدم أمير سلاح في دولة الأشرف اينال، وسافر في أيامه باش العسكر في التجريدة التي توجهت إلى حلب بسبب ابن قرمان.

فلما رجع من التجريدة أقام أمير سلاح إلى أن توفى الملك الأشرف اينال وتسلطن ولده الملك المؤيد أحمد، فاستقر بالأمير خشقدم أتابك العساكر عوضا عن نفسه، وذلك في سنة خمس وستين وثمانمائة.

فلما وثب المماليك على الملك المؤيد في شهر رمضان - كما تقدم ذكر ذلك - اتفق رأى الأمراء على سلطنة الأتابكي خشقدم إلى أن يحضر المقر السيفي جانم نائب الشام فيسلطنوه، فلما أبطأ عليهم الأمير جانم سلطنوا الأتابكي خشقدم نيابة عن جانم، فكانت سلطنة خشقدم فلتة كما قيل في المعنى:

وان صبابتي كانت مزاحا … فصيرها الهوى حقا يقينا

وكانت سلطنة الأتابكي خشقدم في يوم السبت سابع عشر رمضان سنة خمس وستين وثمانمائة (١٤٦٠/ ١٤٦١ م)، فصلى الظهر وجلس في المقعد الذي في باب السلسلة، وحضر الخليفة والقضاة الأربعة وهم على الوصف المقدم ذكره، فخلعوا الملك المؤيد أحمد من السلطنة وبايعوا الأتابكي خشقدم، فأحضروا له خلعة السلطنة فلبسها من المقعد الذي في باب السلسلة، وركب من هناك فرس النوبة وطلع إلى باب القصر الكبير، وحمل على رأسه القبة والطير المقر السيفي جرباش كرت أمير سلاح.

فلما جلس على سرير الملك باس له الأمراء الأرض وتلقب بالملك الظاهر، ودقت له البشائر، ونودى باسمه في القاهرة، وضج الناس له بالأدعية الفاخرة.

ثم أنه أرسل قيد الملك المؤيد وأخاه في البحرة. ثم نزل بهما وقت الظهر من القلعة وخلفهما أوجاقية بخناجر وأرسلهما إلى السجن بثغر مدينة الاسكندرية وأرسل معهما الأمير قراجا الطويل الاينالي، وكان المتسفر عليهما الأمير خير بك المصارع، فتوجه بها إلى ثغر الاسكندرية وسجنهما بها.

<<  <  ج: ص:  >  >>