للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بليد الذهن قليل الفهم. ومما وقع له أن الزيني أبا الفتح ابن النحاس الشاعر، داعبه بهذين البيتين، وكتبهما إليه في ورقة، ودفعهما له في مجلس القاضي كاتب السر ابن مزهر. فلما قرأهما استحسنهما، ولم يفهم ما فيهما من الدسيسة عليه، فكتبهما بخطه في بعض مصنفاته، وأوردهما لابن النحاس وهما:

أبا حامد أنت الذي شاع ذكره … بكثرة تأليف وجمع به انفرد

فأنت الذي ما مثل حفظك في الورى … وأنت الذي ما مثل ذهنك في البلد

وفيه جاءت الأخبار بوفاة جانم الجداوي، نائب حماه، وأتابك دمشق، وكان لا بأس به.

وفيه أشيع عن مثقال الساقي الطواشي الظاهري رأس نوبة السقاة، بأنه يضرب في بيته الزغل، فأرسل السلطان من كبس داره وقبض عليه.

*****

وفي ربيع الأول رسم السلطان بعمل حساب قاضي القضاة الحنفي شمس الدين الغزي، بدار الأمير برسباي قرا رأس نوبة، وقاسى من البهدلة والأنكاد ما لا يعبر عنه.

وفيه ثار بالناس في فصل الربيع دموية وأمراض حادة، ومات بذلك جماعة كثيرة، حتى أطلق عليه الفضل الصغير. ومات به من أعيان الناس سيدي فرج ابن تنم نائب الشام، وكان شابا جميل الوجه لم يلتح بعد فتأسف الناس عليه قاطبة.

وفيه عمل السلطان المولد النبوي وكان حافلا، واجتمع الأمراء والقضاة الأربعة، وكان السلطان شرع في عمل خيمة كبيرة مدورة برسم المولد الشريف، فنصبها في ذلك اليوم بالحوش.

وفيه توفي القاضي نجم الدين يحيى بن حجي، وهو يحيى بن محمد بن أحمد بن حجي بن موسى ابن أحمد الحسباني الدمشقي، ثم القاهري الشافعي. وكان عالما فاضلا رئيسا حشما، وعد من العلماء، وكان كريما سخيا، وولي نظارة الجيش بمصر، وكان من أعيان الرؤساء بمصر والشام، فلما مات وجد عنده زيادة عن ثلاثة آلاف مجلد من الكتب النفيسة.

وفيه، في آخر يوم من برمودة، قلع السلطان الصوف، ولبس البياض، وقد عجل بلبس البياض قبل أوانه بعشرة أيام.

<<  <  ج: ص:  >  >>