وفيه توفي أزبك الأشرفي أحد الأمراء العشراوات وكان لا بأس به.
وفيه كان علف الدواب غاليا ففرق السلطان الأضحية على الأمراء والجند قبل عيد النحر بخمسة وعشرين يوما فعد ذلك من النوادر.
*****
وفي ذي الحجة في سابع عشرة خرج قانصوه اليحياوي إلى نيابة الشام.
وفيه سقطت قبة جامع القلعة على المحراب والمنبر، وقتل تحتها بواب الجامع وولده فرجت له القلعة وخرج السلطان وهو ماش حتى يرى ما سقط في الجامع. وكان ذلك قبل يوم الجمعة بثلاثة أيام. فأمر السلطان بشيل الأتربة من الجامع ثم أخذ في أسباب عمل قبة غيرها فجدد هذه القبة الموجودة الآن وجدد المنبر، وكان قبل ذلك من الخشب فجعله من الرخام الملون، وجدد عمارة الميضأة بالجامع فجاءت من أحسن البناء.
وفيه خلع السلطان على شخص من مماليكه، يقال له سيباي بن بخت خجا وقرره في نيابة سيس عوضا عن قانصوه الجمالي بحكم وفاته.
وفيه تغير خاطر السلطان على الجمالي يوسف كاتب المماليك وأخذ منه تسعة آلاف دينار. وجدت عليه وعلى والده أبي الفتح نائب جدة أمور يطول شرحها حتى آل أمره إلى ذهاب عقله واعتراه جنون.
وفيه قويت الإشاعات بثوران فتنة من المماليك الجلبان، وكثر القال والقيل في ذلك ونقل غالب الأمراء وأرباب الجولة أمتعتهم من الدور خوفا من النهب عند وقوع الحركة.
فلما تزايد الكلام في ذلك صلى السلطان صلاة الجمعة، ثم بعد الصلاة جلس بالحوش، ثم أحضر أغوات الأطباق وأعيان المماليك الجلبان، وكلمهم كلاما كثيرا ووبهخم بالكلام حتى قال:"إذا كان قصدكم قتلى فدونكم ذلك" فاستغفروا له ثم آل الأمراء إلى صلحهم مع السلطان، وسكون هذه الفتنة قليلا فلما خرجوا من عنده عادوا لما كانوا عليه من ثوران الفتنة حتى أشيع بين الناس أن السلطان قد تهيأ للفرار بنفسه، ولم يعلم أين يتوجه، وقد تزايد القول في ذلك فكان كما يقال:
لعمري ما ضاقت بلاد بأهلها … ولكن أخلاق الرجال تضيق
وقد خرجت السنة المذكورة عن الناس وهم في أمر مريج وكانت الأسعار مرتفعة في سائر البضائع، والإشاعات قائمة برجوع عسكر ابن عثمان وزحفهم على البلاد الحلبية،