وفي صفر نزل ابن السلطان من القلعة في موكب حافل وتوجه إلى داره التي أنشأها له السلطان على بركة الفيل فأقام بها ساعة ثم عاد إلى القلعة. وهذا أول ظهوره للناس ونزوله إلى المدينة. وكان معه أقبردي الدوادار والجم الغفير من الجند. وكان نزوله سببا للإنفاق على الجند لكل واحد منهم خمسون دينارا، وسموها نفقة نزول ابن السلطان.
وكان قاصد ابن عثمان حاضرا لكي يشاع ذلك بحضرته.
وفيه جاءت الأخبار بوفاة أزدمر المسرطن نائب صفد الظاهري جقمق، وكان من أعيان الأمراء جليلا سليم الفطرة ومات وهو في عشر الستين.
وفيه جاءت الأخبار من حلب بوفاة أزدمر نائب حلب قريب السلطان وكان إنسانا حسنا لا بأس به. وتولى عدة وظائف سنية، منها نيابة طرابلس، ونيابة صفد ونيابة حلب، وامرية مجلس بمصر، وغير ذلك من الوظائف والنيابات، ومات وهو في عشر الستين.
وكان في أوائل عمره في قلة وخمول، وأقام على ذلك دهرا طويلا. فلما تسلطن السلطان قايتباي ظهر أنه من قرابته، فجاءت إليه السعادة بغتة فأقام فيها مدة ومات. وكان أصله من مماليك الظاهر جقمق، وهو أزدمر بن مزيد. ثم بعد موته أرسل السلطان خلعة إلى اينال السلحدار نائب طرابلس، ونقله إلى نيابة حلب عوضا عن قريبه أزدمر بحكم وفاته.
وكان اينال هذا تولي نيابة صفد أيضا بعد أزدمر المسرطن وقتل في واقعة أقبردي الدوادار لما سافر إلى حلب.
*****
وفي ربيع الأول توفيت خوند بنج زوجة الأمير أزبك اليوسفي رأس نوبة كبير وكانت زوجة تنم المؤيدي نائب الشام وكانت من مشاهير الخوندات وهي والدة سيدي فرج الماضي ذكر وفاته، وكانت لا بأس بها، وكانت تقرب للملك الظاهر جقمق.
وفيه عمل السلطان المولد النبوي وكان حافلا.
وفيه توفي الشيخ أحمد بن زروق المغربي المالكي وكان من أهل الصلاح والدين.
وفيه قبض السلطان على بدر الدين الأينالي كاتب جيش الشام فضربه بالمقارع بين يديه وأمر بقطع لسانه حتى شفع فيه بعض الأمراء فعوفي من ذلك، ولم يكن له ذهب يوجب ذلك ولكن خرج خلق السلطان في ذلك اليوم جدا.