للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هذا ما كان من أمر أقبردي الدوادار .. وأما ما كان من أمر الملك الناصر فإنه لم يكن عنده من الأمراء سوى قانصوه خاله. ثم صعد في ذلك اليوم كرتباي الأحمر على الفور، وكان مختفيا وجلس بالمقعدة الذي برأس سلم المدرج. وكان الأمير سودون العجمي، وجان بلاط الغوري، وقاني باي الرماح، وطومان باي الشريفي، ودولات باي قرموط، وغيرهم من الأمراء - قد ركبوا المكاحل حول القلعة والسبقيات، وركبوا المكحلة المسماة بالمجنونة على باب السلسلة. وكان غالب مماليك قانصوه اليحياوي - نائب الشام الذي توفي وحضرت مماليكه في تلك الأيام - كلها رماة بالسيقات والبندقيات الرصاص. فأخذ بخاطرهم كرتباي الأحمر، وخال السلطان قانصوه، وأنزلوهم في الديوان السلطاني، وصرفوا إليهم الجامكية، حتى إنهم صاروا معهم، وكانوا زيادة عن مائتي إنسان. وصار الحرب ثائرا بين الفريقين. فبقي مع الفرقة التي بالقلعة من باب المدرج، إلى رأس الصوة، إلى باب زويلة، إلى باب النصر، إلى المطرية.

وصار مع الفرقة التي مع أقبردي من باب القرافة إلى الصليبة، إلى قناطر السباع، إلى مصر العتيقة، وبولاق. وصار يقتل في كل يوم من طوائف العربان مقتلة كبيرة، من بني وائل وبني حرام، وكانوا يدخلون برؤوس القتلى آخر النهار في شباك التبن. فقتل في هذه المعركة من العربان نحو من ألف إنسان وزيادة على ذلك. فلا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم. وكانت الأتراك تقاتل مع بعضها، والعربان تقاتل مع بعضها. فلما قرب عيد الأضحية، فرق أقبردي على الأمراء والعسكر الذين ركبوا معه عدة أبقار وأغنام كثيرة.

ثم أنفق لهم جامكية ذلك الشهر، والأضحية من ماله دون مال السلطان، فصرف في هذه الحركة فوق المائة ألف دينار، ويا ليت هذا أفاده شيئا! ثم أن أقبردي أحضر دميلكو السباك، واستحثه في سرعة عمل سبك المكحلة، فأخذ في أسباب ذلك … ثم أن أقبردي وزع الأمراء في أماكن شتى عمل سبك المكحلة، فأخذ في أسباب ذلك … ثم أن أقبردي وزع الأمراء في أماكن شتى بسبب حصار القلعة، فكان كرتباي ابن عمة السلطان أمير آخور كبير، وتاني بك قرا أمير مجلس وجماعة من العسكر، في مدرسة السلطان حسن، بسبب حصار القلعة. فكانوا يرمون عليها فلم يفد شيء من ذلك.

ثم أنهم رموا بالمكحلة المسماة بالمجنونة على من في مدرسة السلطان حسن، فخرق المدفع شباك المدرسة، ودخل فقتل ثلاثة أنفار من المماليك الذين هناك، فحصل للعسكر من ذلك زمقة، وكان لهم يوم عيد النحر واقعة قوية تشيب منها النواصي. وقتل في ذلك اليوم شخص من الأمراء العشراوات يقال له: جانم بن قايتباي، وآخر من الأمراء يقال له:

طومان باي نائب البهنسا، وشخص يسمى قصروه نائب سنجر، وكان حضر صحبة الأمير أقبردي الدوادار من البلاد الشامية.

<<  <  ج: ص:  >  >>