للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فلما تحقق السلطان موت أقبردي، جهز مراسيم للأمراء الذين كانوا صحبة أقبردي، وهم تاني بك قرا الذي كان أمير مجلس، وأقباي نائب غزة الذي كان رأس نوبة كبير، وجانم مصبغة الذي كان حاجب الحجاب، وقنبك نائب الإسكندرية أحد الأمراء المقدمين بمصر. فأما تاني بك قرا وأقباي فرسم السلطان لهما بأن يتوجها إلى القدس ويقيما به بطالين وأما جانم مصبغة وقنبك فرسم لهما أن يتوجها إلى الشام بطالين. فاستمروا مقيمين بالشام والقدس حتى كان من أمرهم ما سنذكره. وأما أينال الصغير السلحدار الذي كان واليا أحد العشراوات، قيل أنه قتل، وقيل أنه غرق في بعض الأنهار، وأما بقية العسكر الذين كانوا مع أقبردي فمات منهم جماعة كثيرة، ودخل الباقون إلى مصر، وخمدت فتنة أقبردي كأنها لم تكن، بعد ما جرت منه أمور مهولة بمصر والشام وغير ذلك، وهذا ملخص واقعته.

*****

وفي ذي الحجة فرق السلطان الضحايا على العسكر وكان عيدا حافلا، وجاء العيد بالجمعة، فلهج الناس بزوال السلطان عن قريب، وكان الأمر كذلك، ولم يقم إلى العيد الثاني.

وفيه توفي الطواشي مقبل الرومي رأس نوبة السقاة الأشرفي أينال وكان لا بأس به.

فلما مات خلع السلطان على الطواشي محسن الحبشي الأشرفي قايتباي، وقرره رأس نوبة السقاة عوضا عن مقبل الرومي بحكم وفاته، وقد قاسى محسن هذا فيما بعد غاية الشدائد والمحن.

وفيه انتقل قصروه من نيابة حلب إلى نيابة الشام، عوضا عن جان بلاط نائب الشام، بحكم انتقاله إلى الأتابكية بمصر، وانتقل دولات باي ابن أركماس نائب طرابلس، إلى نيابة حلب عوضا عن قصروه. وقرر بلباي المؤيدي في نيابة طرابلس عوضا عن دولات باي، وأضيف إلى بلباي حجوبية طرابلس مع النيابة.

وفيه دخلت مسرى من الشهور القبطية فكانت زيادة النيل في ثالث مسرى ثلاثين أصبعا. وفي الرابع منها أربعين أصبعا، وفي الخامس منها عشرين أصبعا، فوفى في خامس مسرى، وكسر في اليوم السادس منها الموافق لحادي عشرى ذي الحجة. فرسم السلطان للأمير طومان باي الدوادار الكبير بأن يتوجه ويفتح السد، وكانت الأتابكية شاغرة من حين توفي أزبك، وكانت الأمراء غائبين في التجريدة بسبب أقبردي، فلم يكن

<<  <  ج: ص:  >  >>