{وَإِذْ يَعِدُكُمُ اللَّهُ إِحْدَى الطَّائِفَتِيْنِ} وذلك أن عير قريش أقبلت من الشام في تجارة عظيمة، وخرج أبو جهل بجميع أهل مكة لتلقي العير، والمحافظة عليها؛ ونزل جبريل عليه الصَّلاة والسَّلام؛ فقال: يا محمد إن الله وعدكم إحدى الطائفتين: إما العير، وإما قريشاً. فاستشار الرسول أصحابه؛ فاختاروا العير لخفة الحرب، وكثرة الغنيمة. وهذا معنى قوله تعالى {وَتَوَدُّونَ أَنَّ غَيْرَ ذَاتِ الشَّوْكَةِ تَكُونُ لَكُمْ} والشوكة: السلاح. فقام عند ذلك أبو بكر، وعمر، وسعدبن عبادة، والمقدادبن عمرو، وسعدبن معاذ؛ رضي الله تعالى عنهم، وقالوا فأحسنوا القول، وكان مما قاله المقدادبن عمرو: يا رسول الله إمْضِ إلى حيث أمرك الله فنحن معك؛ والله لا نقول كما قالت بنو إسرائيل لموسى {فَاذْهَبْ أَنتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ} ولكن اذهب أنت وربك فقاتلا إنا معكما مقاتلون فوالذي بعثك بالحق لئن سرت بنا إلى برك الغماد لجالدنا معك دونه حتى تبلغه ففرح رسولالله بذلك ودعا لهم بخير؛ وقال:«سيروا على بركة الله تعالى» وكان ما كان مما هو مدون في كتب السير.