{وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلاَّ يُسَبِّحُ بِحَمْدَهِ} التسبيح والثناء: كما يجريان على لسان المقال؛ فإنه ينطق بهما لسان الحال: فتسبيح السموات، والأرض، والجبال، والكواكب، والمياه، والأشجار، والأزهار: دلالتها على أنه تعالى حي قادر، جبار قاهر، له القوة والملكوت، والعزة والجبروت فقد خلقها - جلت قدرته، وتعالت عظمته - في أسرع مدة؛ بلا روية، ولا حركة، ولا تجربة {إِنَّمَآ أَمْرُهُ إِذَآ أَرَادَ شَيْئاً أَن يَقُولَ لَهُ كُن فَيَكُونُ} وترى السموات مرفوعة بلا عمد، والكواكب معلقة في الفضاء بلا سبب: تسبح في أفلاكها، وتجري إلى منازلها التي قدرت لها كذلك يسبح بحمده، ويثني عليه كل شيء نستمد منه سروراً وحبوراً، ورزقاً وخيراً كالسموات في زرقتها وصفائها، والأرض في استدارتها وانبساطها، والشمس في إشراقها، والنجوم في بريقها، والسحب في إمطارها، والحقول في خضرتها، والبساتين في نضرتها، والأشجار في حفيفها، والمياه في تدفقها وخريرها، والطيور في تغريدها، والوحوش في زئيرها، والبهم في خوارها ورغائها تلك بعض الطرق التي تسلكها مخلوقاته تعالى، في تسبيحها بحمده وإنها لقل من كثر، وغيض من فيض
{فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ}{وَلَكِن لاَّ تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ} لانصرافكم عن النظر إليها، والتأمل في بديع صنعها وقد يخلق الله تعالى لها ألسناً للتسبيح، فتسبح بحمده بالمنطق الفصيح