{وَالشَّمْسُ تَجْرِي} في منازلها {لِمُسْتَقَرٍّ لَّهَا} وهو أبعد منازلها؛ ثم تعود إلى أدناها. أو المراد بذلك يوم القيامة؛ حيث يكورها الرحمن؛ فتسكن عن الجريان ورووا عن ابن عباس، وابن مسعود رضي الله تعالى عنهما قراءة «والشمس تجري لا مستقر لها» والإجماع على بطلانها؛ لمخالفتها رسم المصحف الإمام. وشمسنا هذه التي نراها، والتي تضيء الكون بمحياها: إن هي إلا واحدة من شموس لا يعلم مداها. وهذه الشموس لا تقل عن أربعين مليوناً: حساباً وعداً. ومن هذه الشموس
⦗٥٣٩⦘ ما يزيد في الحجم عن شمسنا هذه أربعين ضعفاً، ويربو في الضوء والحرارة عن ذلك. وبعض هذه الشموس يرى في الفضاء كالذرة الصغيرة؛ لبعده عنا بعداً سحيقاً؛ فقد سجلوا أن الشعرى اليمانية - وهي تبدو كأصغر نجم في السماء - تبعد عن الأرض بحوالي اثنين وخمسين بليوناً من الأميال، وأنه لولا هذا البعد السحيق: لذابت الأرض بما فيها ومن فيها من حرارتها
وحول هذه الشموس - التي لا تحد ولا تعد - كواكب كثيرة تدور في فلكها؛ كما تدور أرضنا هذه في فلك شمسنا؛ وما يدرينا ما في هذه الشموس، وهذه الكواكب من مخلوقات، وما تحتويه من كائنات؛ لا يعلمها سوى خالقها وبارئها العليم الحكيم
وشمسنا هذه - رغم ضآلتها وحقارتها بجانب الشموس الأخرى - لو دنت قليلاً من الأرض: لفارت البحار والمحيطات؛ من شدة الغليان، ولتبخر ما فيها من مياه، ولانصهر أشد أنواع الصخور صلابة. فانظر - يا رعاك الله - إلى بديع صنعالله