{وَلَوْ أَنَّمَا فِي الأَرْضِ مِن شَجَرَةٍ أَقْلاَمٌ} أي لو أن سائر شجر الأرض؛ تحولت فروعه وأغصانه إلى أقلام يكتب بها {وَالْبَحْرُ} الذي لا يحد حده، ولا يبلغ أمده {يَمُدُّهُ مِن بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ} تماثله في العمق، والسعة، والعظم؛ وصارت مياه هذه البحار مجتمعة مداداً؛ تستمد منه هذه الأقلام، وتكتب كلمات الله تعالى: لنفدت هذه الأبحر، ونضب ماؤها؛ و {مَّا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللَّهِ} وليس المراد بالكلمات في هذا المقام: الكلام المكون بالنطق، المؤلف بالحروف؛ وإنما أريد بها نتائجها؛ وهي النعم الجزيلة، والمنن العظيمة، والصفات الباهرة، والآيات الظاهرة؛ فإن كلا من هذه لو وقف عليه إنسان صافي الذهن، صحيح الفكرة، طلق اللسان، واضح البيان؛ لما وسعته أشجار الأرض أقلاماً، وبحورها مداداً ولو تضاعفت هذه الأشجار، وتلكم البحار؛ أضعافاً مضاعفة (انظر آية ١٠٩ من سورة الكهف){إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ} في ملكه؛ غالب لا يغلب {حَكِيمٌ} لا يخرج شيء عن علمه وحكمته