للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

{هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَّا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً} لخدمتكم ومصلحتكم: لقد سخر تعالى لكم الحيوان والطير، والنبات والجماد، والماء والهواء؛ بغير حول لكم ولا قوة فانظر أيها المؤمن إلى تذليل الله تعالى للحيوان، وخضوعه واستكانته لبني الإنسان: فترى البعير الكبير، وقد انقاد للطفل الصغير وكيف أن الفيل - رغم قوته وضخامته - ينقاد لبني الإنسان، ويكون له مطية في كثير من الأحيان، ومعواناً له في الرحال، وحمل الأثقال. وانظر إلى الطير، وكيف يرحل من مواطنه، ويسير آلاف الأميال؛ حتى يرتمي بين فكيك، وينسحق تحت ماضغيك، وانظر إلى الثمار والنبات: كيف ترمي البذرة فتنتج لك الجنات، وتلقي بالحبة فتنبت لك الأقوات. وانظر أيضاً إلى الجماد: فقد علمك المعلم على الاستفادة به في شتى الحالات. وكذلك الماء: فقد ساقه الله تعالى لك سلسلاً؛ تستقى منه وتسقي ما تشاء من العجماوات. والهواء: وقد أجراه الله تعالى لك؛ ليحييك ويكفيك صنوف البلاء

ولو شاء ربك لقلب هذه النعم نقماً، وجعل الداء مكان الدواء؛ لأنه تعالى وحده خالق الخلق الفاعل لما يشاء {ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَآءِ} وجه قدرته وإرادته لخلقها بعد خلق الأرض {فَسَوَّاهُنَّ} خلقهن مستويات؛ لا عوج فيها، ولا خلل، ولا خطأ «لا ترى في خلق الرحمن من تفاوت»