{قَالَ كَذلِكَ قَالَ رَبُّكَ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ} وقوله قضاء وأمر. قيل: لما رأى يوسف النجار مظاهر الحمل على مريم - وقد كان لا يشك في طهرها وصلاحها - سألها قائلاً: هل ينبت زرع بغير بذر؟ قالت مريم: نعم. قال: فهل تنبت شجرة من غير غيث يصيبها؟ قالت: نعم. قال: فهل يكون ولد من غير ذكر؟ قالت: نعم؛ ألم تعلم بأن الله تبارك وتعالى أنبت الزرع - يوم خلقه ابتداء - من غير بذر؟ والبذر يومئذٍ إنما صار من الزرع الذي أنبته الله من غير بذر أولم تعلم أن الله تعالى بقدرته أنبت الشجر بغير غيث، وأنه جعل بتلك القدرة الغيث حياة للشجر؛ بعد ما خلق كل واحد منهما وحده؟ أم تقول: لن يقدر الله على أن ينبت الشجر حتى استعان عليه بالماء؛ ولولا ذلك لم يقدر على إنباته؟ أو لم تعلم أن الله تبارك وتعالى خلق آدم وزوجه من غير أنثى ولا ذكر؟ قال يوسف: بلى ووقع في نفسه أن الذي بها شيء من الله تبارك وتعالى {وَلِنَجْعَلَهُ آيَةً} علامة للناس؛ دالة على قدرتنا، وتصديقاً لرسالته {وَرَحْمَةً مِّنَّا} بهم؛ لأنه أرسل لهدايتهم وإرشادهم