{إِذْ أَنتُمْ بِالْعُدْوَةِ الدُّنْيَا} جانب الوادي القريب وهو من الدنو {وَهُم بِالْعُدْوَةِ الْقُصْوَى} جانب الوادي البعيد {وَالرَّكْبُ} أي ركب المشركين {أَسْفَلَ مِنكُمْ} في مكان منخفض؛ مما يلي البحر {وَلَوْ تَوَاعَدتُّمْ} أنتم والأعداء، على هذا اللقاء {لاَخْتَلَفْتُمْ فِي الْمِيعَادِ وَلَكِن} تم هذا التوافق {لِّيَقْضِيَ اللَّهُ أَمْراً كَانَ مَفْعُولاً} وهو نصر الإسلام، ومحق الكفر، وإعلاء كلمة الله تعالى:
⦗٢١٦⦘ {لِّيَهْلِكَ} ليكفر {مَنْ هَلَكَ}
من كفر {عَن بَيِّنَةٍ} حجة واضحة؛ هي انخذالهم - وهم الأكثرون الأقوياء وانتصار المؤمنين عليهم - وهم الأقلون الضعفاء - {وَيَحْيَى} يؤمن {مَنْ حَيَّ} من آمن {عَن بَيِّنَةٍ} حجة ظاهرة. وأي حجة أَبين وأظهر من غلبة الضعيف للقوي وانهزام الجيش اللجب، ذي السطوة والقوة. أمام شرذمة لا حول لها ولا طول إلا ب الله ذي العزة والمنعة ولم تكن البينة في انتصار الضعفاء على الأقوياء فحسب؛ بل لقد رأى المسلمون - وهم الأقلون - الكافرين قليلاً - وهم الأكثرون - ورأى الكافرون المسلمين كثيراً؛ فانخلعت قلوبهم، وأمكن الله تعالى منهم ولم تكن بينة الله تعالى - التي جعلها فيصلاً بين الكفر والإيمان - قائمة على انتصار الضعفاء على الأقوياء، ورؤية الأقلين للأكثرين قليلاً، والأكثرين للأقلين كثيراً؛ لم يكن هذا وحده؛ بل رأى المسلمون والكافرون في هذه المعركة جنود الله تعالى من الملائكة جهاراً تنكل بالكافرين تنكيلاً، وتحصد عتاة المشركين وسراتهم حصداً؛ ولقد كان المؤمن يقصد الكافر بسيفه؛ فتطيح رأس الكافر قبل أن يصل سيف المؤمن إلى عنقه