للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

{وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ} أجلسهما بجواره على السرير {وَخَرُّواْ لَهُ سُجَّدَاً} أي خروا لأجله سجداًلله، أو الضميرلله تعالى، أو السجود كان ليوسف عليه السلام؛ وكان تحية عندهم، أو كان على هيئة الانحناء {مِن بَعْدِ أَن نَّزغَ الشَّيْطَانُ} أفسد وحرش {إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِّمَا يَشَآءُ} أي رفيق بعباده؛ يسبب لهم مصالحهم من حيث لا يعلمون، ويرفعهم من ناحية المكاره التي تلحقهم إذ لولا تآمر إخوة يوسف عليه لما ألقي في الجب، ولولا إلقاءه في الجب ما أخذه السيارة، ولولا أخذ السيارة له وزهدهم فيه لما باعوه لحاكم مصر، ولولا بيعه كالعبيد لما راودته سيدة القصر عن نفسه، ولولا هذه المراودة لما دخل السجن، ولولا دخوله السجن لما اختلط بصاحبي السجن، ولولا تأويله لهما ما رأياه في منامهما لما اتصل أمره بالملك، ولولا اتصال أمره بالملك لما خرج من السجن، ولما وليَّ على خزائن الأرض

وهكذا أراد ربك أن يرفعه من طريق الضعة، ويغنيه من طريق الفقر، ويسعده من طريق الشقاء فقد كان الأقرب أن يموت محطماً مهشماً عند إلقائه في الجب، أو أن يموت جوعاً وعطشاً لو ترك، أو تتخذه السيارة خادماً؛ فيعيش طوال حياته ذليلاً مهاناً ولكنه تعالى «لطيف لما يشاء» {إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ} بخلقه {الْحَكِيمُ} في صنعه وهنا يحس يوسف بمبلغ فضل الله تعالى عليه، ومدى لطفه به؛ فيقول مناجياً ربه، شاكراً نعماءه