{وَقَالَ الَّذِينَ أَشْرَكُواْ لَوْ شَآءَ اللَّهُ مَا عَبَدْنَا مِن دُونِهِ مِن شَيْءٍ} عبث يقولونه، وباطل يزعمونه: فقد أرسل الله تعالى رسله، وأمرهم بتبليغ دينه الذي ارتضاه لعباده، وخلق لهم العقل الذي به يفهمون ما ينفعهم فيتبعونه، ويدركون ما يضرهم فيجتنبونه {وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَينِ} وبعد ذلك قال تعالى: {فَمَن شَآءَ فَلْيُؤْمِن وَمَن شَآءَ فَلْيَكْفُرْ} فهل بعد ذلك عذر لمعتذر؟ وهل بعد هذا قول لقائل {لَوْ شَآءَ اللَّهُ مَا عَبَدْنَا مِن دُونِهِ مِن شَيْءٍ}{وَلاَ حَرَّمْنَا} البحيرة، والسائبة، والوصيلة، والحامي. وقولهم هذا يحمل بين طياته الاستهزاء، والتحدي، والسخرية؛ وإلا فهو إيمان مشوب بعصيان؛ لأنه اعتراف ب الله تعالى وقد عبدوا غيره، وإقرار بمشيئته وقد أنكروا وجوده {كَذَلِكَ فَعَلَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ} مثل فعلهم، واحتجوا بمثل احتجاجهم، وتناسوا كسبهم لكفرهم ومعاصيهم، وأن جميع ذلك قد كان بمحض اختيارهم؛ بعد أن أنذرتهم رسلهم مغبة أعمالهم، وحذرتهم غضب ربهم وعقابه