{ثُمَّ أَنزَلَ عَلَيْكُمْ مِّن بَعْدِ الْغَمِّ} والهزيمة {أَمَنَةً نُّعَاساً} أي أنزل تعالى على المؤمنين الأمن، وأزال عنهم الخوف حتى نعسوا {يَغْشَى} هذا النعاس {طَآئِفَةٌ} جماعة {مَّنكُمْ} وهم الذين كانوا مع الرسول في القتال، وعملوا بأمره، ولم تلههم الغنائم عن طاعته: فنعسوا من كثرة ما أمنوا. والنعاس في القتال: أمن من الله ورحمة، وفي الصلاة: من الشيطان {وَطَآئِفَةٌ} أخرى؛ وهم الذين خالفوا أمر الرسول، وانصرفوا إلى الغنائم؛ فتقدم المشركون وأثخنوا المؤمنين. وهذه الطائفة {قَدْ أَهَمَّتْهُمْ أَنْفُسُهُمْ} والمحافظة على حياتهم؛ فهم من حذر الموت، وخشية القتل في شغل {يَظُنُّونَ بِاللَّهِ غَيْرَ} الظن {الْحَقِّ} ويتوهمون أنه تعالى لا ينصر محمداً {ظَنَّ الْجَاهِلِيَّةِ} الأولى، الذين كانوا يشركون بالله، ولا يعرفون رباً يعتمدون عليه، ويكلون أمورهم إليه {يُخْفُونَ فِي أَنْفُسِهِم} من النفاق {مَّا لاَ يُبْدُونَ لَكَ} وذلك لأنهم كانوا يبدون للرسول الإسلام - وهم برآء منه - والحرص على الجهاد - وهم بعداء عنه ـ.
⦗٨٢⦘ {لَبَرَزَ} خرج {الَّذِينَ كُتِبَ} قضى {عَلَيْهِمُ الْقَتْلُ إِلَى مَضَاجِعِهِمْ} مصارعهم {وَلِيَبْتَلِيَ} يختبر {مَا فِي صُدُورِكُمْ} من إيمان وإخلاص، أو كفر ونفاق {وَلِيُمَحِّصَ} يميز حقيقة {مَا فِي قُلُوبِكُمْ} من حب له، وتفان في سبيله، أو حب للذات، وتفان في الملذات {وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ} بما في القلوب