{وَمِنَ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّا نَصَارَى أَخَذْنَا مِيثَاقَهُمْ} أيضاً؛ كما أخذنا ميثاق اليهود {فَنَسُواْ حَظّاً} نصيباً {مِّمَّا ذُكِرُواْ بِهِ} كما نسيت اليهود «تشابهت قلوبهم»{فَأَغْرَيْنَا بَيْنَهُمُ} أي بين اليهود والنصارى، أو بين اليهود أنفسهم، أو بين النصارى بعضهم مع بعض. وعلى كلا الوجهين: فقد شاعت العداوة بين اليهود وبعضهم، وبين النصارى وبعضهم، وبين اليهود والنصارى؛ فترى اليهود وقد انقسموا إلى فرقتين متنافرتين: قرّايين وربانيين؛ وكلاهما له دين خاص، وشريعة خاصة، ونظام يخالف نظام الآخر - في العبادات والمعاملات - لا يجتمعان إلا في أمر واحد: هو كراهة المسلمين والنصارى. وترى النصارى وقد انقسموا إلى فرق متعددة: كاثوليك، وأرثوذكس، وبروتستانت؛ كل منها له شريعة خاصة ونظام خاص؛ وتراهم دائبي الخلاف في كل صغيرة وكبيرة. أما عداوة اليهود للنصارى، والنصارى لليهود، فأمر لا يحتاج إلى
⦗١٢٩⦘ برهان أو دليل؛ قال تعالى:
{وَقَالَتِ الْيَهُودُ لَيْسَتِ النَّصَارَى عَلَى شَيْءٍ وَقَالَتِ النَّصَارَى لَيْسَتِ الْيَهُودُ عَلَى شَيْءٍ} وترى الأمم الغربية - وهم أبناء دين واحد - وقد تفنن بعضهم في إهلاك البعض - هلاكاً تشيب لهوله الولدان - فمن مخترع للقنبلة الذرية إلى مخترع للهيدروجينية، إلى مصمم لقنبلة الكوبالت؛ إلى ما لا نهاية له من صنوف الإيذاء والبلاء الذي لا يوصف؛ وبذلك حق عليهم الإغراء؛ فهم أبد الدهر في شحناء وبغضاء