{وَمِن شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ} المراد هنا: النمامون، الذين يقطعون روابط الألفة، وحبال المحبة؛ بما ينفثونه من سموم نمائمهم. شبههم تعالى بالسحرة المشعوذين؛ الذين إذا أرادوا أن يحلوا عقدة المحبة بين الرجل وزوجه: عقدوا عقدة ثم نفثوا فيها وحلوها؛ ليكون ذلك حلاً للعقدة التي بين الزوجين، أو بين المتحابين.
والنميمة تشبه أن تكون ضرباً من ضروب السحر؛ لأنها تحول ما بين الصديقين من محبة إلى عداوة ولما كانت النميمة على هذا الجانب العظيم من الخطورة: علمنا الله تعالى أن نلجأ إليه، ونعوذ به منها. أما ما رواه بعض المحرفين المخرفين - في تأويل هذه الآية - من أن الرسول عليه الصلاة والسلام قد سحره لبيد بن الأعصم، وقد أثر سحره فيه؛ حتى أنه كان يخيل إليه أنه يأتي الشيء وهو لا يأتيه؛ فهو باطل مردود ممجوج؛ إذ ما أشبه هذا بقول المشركين فيه:«إن تتبعون إلا رجلاً مسحوراً» ولا يبعد أن من خولط في عقله بدرجة أنه كان يخيل إليه أنه يأتي الشيء وهو لا يأتيه: أن يخيل إليه أيضاً أنه يوحى إليه، ولم يوح إليه، أو أنه قد بلغ ما أوحي إليه ولم يبلغ وفضلاً عن هذا فإن هذه السورة مقطوع بمكيتها، وما يزعمونه من السحر يقولون: إنه وقع بالمدينة. وبالجملة فإن هذا واضح البطلان، بادي الخسران لا يلتفت إليه، ولا يعول عليه