وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ إِنْ لَّمْ يَكُنْ لَّهُنَّ وَلَدٌ فَإِن كَانَ لَهُنَّ وَلَدٌ فَلَكُمُ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْنَ مِن بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِينَ بِهَآ أَوْ دَيْنٍ وَلَهُنَّ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْتُمْ إِن لَّمْ يَكُنْ لَّكُمْ وَلَدٌ فَإِن كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُم مِّن بَعْدِ وَصِيَّةٍ تُوصُونَ بِهَآ أَوْ دَيْنٍ وَإِن كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلاَلَةً أَو امْرَأَةٌ وَلَهُ} {يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ أَن تَضِلُّواْ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} وقد يقول قائل: إن الله قد جعل الإنسان حراً فيما آتاه وهو وهم يلقيه الشيطان لأوليائه من بني الإنسان؛ فهي حرية مقيدة بما فرضه وقرره واهب المال وقد جعله تعالى فتنة للناس {وَاعْلَمُواْ أَنَّمَآ أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلاَدُكُمْ فِتْنَةٌ وَأَنَّ اللَّهَ عِندَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ}{فَمَن شَآءَ اتَّخَذَ إِلَى رَبِّهِ سَبِيلاً} باتباع أحكامه، والتزام أوامره، ومن شاء اتخذ إلهه هواه، وخرج من دنياه بسخط المخلوقين، وغضب رب العالمين وليس معنى ذلك أننا نحرم الوصية المشروعة؛ التي يجب وضعها حيث أمرالله؛ وما شرعها تعالى إلا لزيادة ثواب فاعلها وتنمية أعماله؛ وهي - في حدود الثلث - لذوي القربى من المعوزين، ولذوي الحاجات من الفقراء والعاجزين وقد جاء في الحديث الشريف: أن أحد الصحابة رضوان الله تعالى عليهم منح أحد أولاده بعض ماله، وجاء ليشهد الرسول صلوات الله تعالى وسلامه عليه على ما منح؛ فسأله:«أله إخوة؟» قال: نعم يا رسولالله. قال:«أكلهم أعطيت مثلما أعطيته؟» قال: لا. قال عليه الصلاة والسلام:«لا أشهد على جور؛ اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم» وقد وضح من ذلك الحديث: أن محاباة بعض الأبناء ظلم وجور؛ وعن ذلك نهى الله تعالى ورسوله {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ}{آبَآؤُكُمْ وَأَبناؤُكُمْ لاَ تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعاً} في الدنيا والآخرة؛ ولكن الله يدري ذلك؛ فقسم حيث توجد المصلحة، وتتوفر المنفعة. وهذا يتنافى مع ما يعمله بعض الجهال؛ من إيثار بعض أبنائه بماله، وحرمان البعض الآخر؛ مما يوجب البغضاء والشحناء، ويؤدي إلى ارتكاب الجرائم، ووخيم العواقب
{مِن بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِينَ بِهَآ} إلى بعض الأقرباء الفقراء؛ كما بينا في الآية السابقة {وَإِن كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلاَلَةً} الكلالة: الذي لا ولد له ولا والد {غَيْرَ مُضَآرٍّ} أي بشرط أن تكون تلك الوصية للمصلحة؛ لا بقصد الإضرار بالورثة {تِلْكَ} الفرائض التي بيّنها الله تعالى وشرعها {حُدُودُ اللَّهِ} فلا ينبغي تجاوزها {وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ}