{بِالْبَيِّنَاتِ} الحجج الواضحات {وَالْمِيزَانَ} الذي يوزن به. قيل: إن جبريل عليه الصلاة والسلام نزل بالميزان فدفعه إلى نوح عليه السلام؛ وقال له: مر قومك يزنوا به. ويجوز أن يراد بالميزان: القانون الذي يحكم به بين الناس {لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ} بالعدل {وَأَنزْلْنَا الْحَدِيدَ} أظهرناه؛ وذلك لأن من معاني الإنزال: الإظهار؛ يدل على ذلك إنزال القرآن {وَبِالْحَقِّ أَنْزَلْنَاهُ وَبِالْحَقِّ نَزَلَ} وهو بمعنى إظهاره: إذ أن القرآن الكريم قديم - صفة الموصوف بالقدم - ونزوله: إظهاره للناس {فِيهِ بَأْسٌ} قوة {وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ} وأي منافع فقد صار الحديد من ألزم لوازم الحياة، وإحدى الضرورات التي لا تستطيع أمة من الأمم أن تبني نهضتها ومجدها بما عداه: إذ منه تصنع القاطرات والطائرات، والسفن العظيمة التي تجوب المحيطات؛ وبغيره لا تكون الأسلحة على اختلاف درجاتها وأنواعها: من مدافع ودبابات وصواريخ وناسفات ذلك {لِيَعْلَمَ اللَّهُ} علم ظهور للمخلوقات {مَن يَنصُرُهُ وَرُسُلَهُ} ينصر {وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ} حال كونه تعالى غائباً عن بصره، حاضراً في بصيرته: ينصره ولا يبصره
وهذا الوصف ينطبق تمام الانطباق على أمة سيد الخلق محمد عليه الصلاة والسلام؛ فقد آمنا بالله
⦗٦٧٠⦘ ورسله بالغيب، ونصرنا الله تعالى - بإعلاء دينه، والدعوة إلى توحيده - ونصرنا رسله بالإيمان بهم جميعاً. وكل ذلك من غير أن نرى ربنا، أو نطلب رؤيته بأعيننا؛ ومن غير أن نرى رسله تعالى، أو نسمع دعوتهم، ونشهد معجزاتهم؛ فاستحققنا بذلك أن نكون خير أمة أخرجت للناس؛ فللَّه الحمد على ما أنعم، والشكر على ما به تفضل