{لاَّ بَيْعٌ فِيهِ} أي لا معاملة فيه بين الناس كشأنهم في الدنيا. أو هو إشارة إلى أن حرصهم في الدنيا على الربح والكسب، والبيع والشراء، والأخذ والعطاء، واهتمامهم بشؤون دنياهم؛ كل هذا لا يفيد في الآخرة؛ التي لا يفيد فيها سوى العمل الصالح؛ وأين العمل الصالح؛ وقد قضوا أعمارهم في الحرص على الربح - من أي وجه كان - من رباً، أو سرقة، أو كذب، أو خداع {وَلاَ} تنفع في هذا اليوم صداقة أو محبة؛ وقد كانوا في الدنيا يتحابون في الشيطان، ويتصادقون على المعاصي فلا صداقة اليوم تنجي من عذاب الله {وَالْكَافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ} أي والتاركون للزكاة {هُمُ الظَّالِمُونَ} بدليل أول الآية {يأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَنْفِقُواْ مِمَّا رَزَقْنَاكُم} وبدليل قوله تعالى: {وَوَيْلٌ لِّلْمُشْرِكِينَ * الَّذِينَ لاَ يُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ بِالآخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ} وكفر تارك الزكاة لا يحتاج إلى دليل؛ فقد قاتل الصديق رضي الله تعالى عنه مانعيها؛ والمؤمن لا تجوز مقاتلته إطلاقاً؛ فيؤخذ من ذلك أن أبا بكر حكم بخروجهم من الإسلام لمنعهم الزكاة؛ وقد قال:«والله لو منعوني عقال بعير لقاتلتهم عليه» ومن أولى بالاقتداء والاتباع من أبي بكر؟
وقد سماهم الله تعالى في هذه الآية بالكافرين وفي آية أخرى بالمشركين، وهذه التسمية بهم أولى وأليق (انظر الآيات ٦ و٧ من سورة فصلت، وآية ١٤صلى الله عليه وسلّم من سورة الأنعام).