{إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ} تعبدون {مِن دُونِ اللَّهِ} غيره من الآلهة. والمقصود بها الأصنام {لَن يَخْلُقُواْ ذُبَاباً} اختار الله تعالى الذباب في التمثيل - ولو أنه أكبر من البعوض - لأن الذباب أحقر المخلوقات وأخسها، وأبغضها وأقذرها والمعنى: يا أيها الكافرون، يا أحقر المخلوقين: كيف تعبدون من دون الله ما لا يستطيع أن يخلق ذباباً {وَلَوِ اجْتَمَعُواْ لَهُ} أي ولو اجتمع هؤلاء الآلهة، وصار بعضهم لبعض ظهيراً ولم يقف عجزهم عند عدم استطاعة خلقة الذباب فحسب؛ بل {وَإِن يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئاً لاَّ يَسْتَنقِذُوهُ مِنْهُ} أي لو سلب الذباب آلهتهم - التي يعبدونها - شيئاً من الطيب الذي كانوا يضمخونها به؛ لم تستطع تلك الآلهة استرجاعه منه - رغم ضعفه وحقارته - هذا وقد يتوهم أن الذباب من الأشياء المخلوقة عبثاً - بل التي يفضل عدمها على وجودها - لما تنقله من مكروبات، وما تحمله من جراثيم. لكنك لو علمت أنه يستوي في نظر الحاكم: الجلاد الذي يطيح بالرقاب، والغواص المعد للإنقاذ؛ إذ كل منهما يفعل ما أمر به: لهان الأمر. وأيضاً فإن الذباب - فضلاً عن حمله للمكروبات - فإنه خلق لإذلال المتكبرين والجبابرة: وذلك لأن الذبابة كما تقف على القمامة والقاذورات: فإنها تقف على أنف أعتى الجبابرة، وأعظم الأكاسرة حيث لا يملك دفعها، ولا يستطيع منعها؛ وأن النمروذ - على تكبره
⦗٤١١⦘ وجبروته - سلط الله تعالى عليه بعوضة أهلكته؛ إذلالاً له، واستخفافاً بأمره، وتحقيراً لشأنه؛ فتعالى الله الملك الحق، الجبار المتكبر
{ضَعُفَ الطَّالِبُ} الذباب {وَالْمَطْلُوبُ} الأصنام التي يعبدونها. أو «الطالب» العابد الكافر: لعجزه عن حماية آلهته من الذباب «والمطلوب» الصنم المعبود: لعجزه عن حماية نفسه