من الأجنة والألبان {خَالِصَةٌ لِّذُكُورِنَا وَمُحَرَّمٌ عَلَى أَزْوَاجِنَا} قيل: هي البحائر والسوائب؛ كانوا يخصون الذكران وحدهم بشرب ألبانها وأكل أولادها {وَإِن يَكُنْ} الجنين {مَّيْتَةً فَهُمْ} نساءً ورجالاً {فِيهِ شُرَكَآءُ} يأكلونه جميعاً {سَيَجْزِيهِم} ربهم {وَصْفَهُمْ} أي سيجزيهم عقوبة كذبهم وافترائهم {وَهُوَ الَّذِي أَنشَأَكُم} خلق لكم وأبدع {جَنَّاتٍ مَّعْرُوشَاتٍ} حدائق ذات أفنان وظلال {وَالنَّخْلَ وَالزَّرْعَ مُخْتَلِفاً أُكُلُهُ} أي ثمره الذي يؤكل؛ يختلف في الطعم؛ فهذا حلو، وهذا حامض، وهذا من {صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ}{وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ مُتَشَابِهاً} في الخلقة والشكل والأغصان والأوراق {وَغَيْرَ مُتَشَابِهٍ} في الطعم {كُلُواْ مِن ثَمَرِهِ إِذَآ أَثْمَرَ وَآتُواْ حَقَّهُ} أي زكاته {يَوْمَ حَصَادِهِ} بدون تأخير؛ فقد وجب حق الفقير بالحصاد. وقيل: المراد بحقه: التصدق من الحب والثمار على الفقراء؛ وهو حق ثابت: مأمور به، مثاب عليه، معاقب على تركه وهل يجوز لك - أيها المؤمن الكريم - أن تنعم وعيالك برزقالله؛ دون أن تؤتي منه عيال الله؟ وهل يجوز لك - أيها المؤمن الرحيم - أن تبيت مطمئن النفس، ممتلىء البطن؛ والفقير بجوارك طاوي الكشح، متطلع إليك، حانق عليك؟
وقد تغالى بعض الصوفية؛ فقال: إن لكل نعمة حقاً، وأن مرتب الموظف يستحق حقه يوم قبضه؛ الذي هو «يوم حصاده».
⦗١٧٣⦘ {وَلاَ تُسْرِفُواْ} في حبس الزكاة عن أربابها، والحقوق عن أصحابها؛ إذ أن هذا هو منتهى الإسراف في البخل أو أريد بالإسراف: الخطأ في العطية؛ بأن يعطي من لا يستحق. وزعم قوم من المفسرين - أثابهم الله تعالى - أن الإسراف: مجاوزة القدر في الإعطاء؛ حتى يجحف صاحب المال بنفسه. وهو قول غير مستساغ؛ إذ أنه لا سرف في الخير وقد فاتهم أن الله تعالى أعقب ذلك بقوله {إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ} وما من أحد يؤمن ب الله واليوم الآخر يستطيع أن يقول: إن الباذل ماله في سبيل مرضاتالله؛ مستوجب لغضبالله، والحرمان من محبته؛ وهو جل شأنه القائل:{وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ}{وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ}.