{ثَلاَثَةَ قُرُوءٍ} ثلاثة حيضات {وَبُعُولَتُهُنَّ} أزواجهن {وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ} لقد كانت النساء قبل الإسلام مستعبدات، مملوكات، مهانات؛ وكان الرجل يرى أن وجود المرأة معرة؛ ويعاملها معاملة العبيد - بل أسوأ من معاملة العبيد - وكانت المرأة توهب وتورث كسائر الجمادات والحيوانات؛ ويزوجها وليها لمن لا تريد ولا ترغب رغم أنفها؛ شأن جهلة هذا العصر: الذين يضحون ببناتهم على مذابح الأطماع الدنيئة؛ ابتغاء العرض الزائل. وكان الرجل
⦗٤٣⦘ في الجاهلية إذا مات عن زوجة: جاء ابنه - من غيرها - أو جاء أحد ورثته؛ فألقى ثوبه عليها وقال: ورثت امرأته كما ورثت ماله. وتصير في حوزته، ويصير أحق بها من كل الناس - حتى من أهلها وأبويها - فإن شاء تزوجها من غير صداق، وإن شاء زوجها وأخذ صداقها لنفسه. فلما أشرقت شمس الإسلام وبزغ قمر السلام: خلصهن من هذا الاستعباد وأنقذهن من الذل والاسترقاق، وأوجب لهن على الرجال - مثل ما يجب للرجال عليهن - من حسن العشرة، وترك المضارة، والحب، والإخلاص، والمودة، والرحمة وغير ذلك من الحقوق التي تعرف بالبديهة، ويحس بها كل ذي عقل وقلب وأمر ألا تزوج إلا بإذنها، وبمن ترتضيه لنفسها. ولا حجة لمن قال بعكس ذلك من الفقهاء؛ لقوله:«لا تنكح الأيم حتى تستأمر، ولا تنكح البكر حتى تستأذن؛ وإذنها صماتها» وقد رد الرسول الكريم؛ صلوات الله تعالى وتسليماته عليه: تزويج الأب ابنته بغير إذنها وقد حثنا الدين الحنيف على التلطف بهن والعناية بأمرهن
وقد قال ابن عباس رضي الله تعالى عنهما: إني لأتزين لامرأتي كما تتزين لي. وأتى عمربن الخطاب رضي الله تعالى عنه بامرأة تصر على فراق زوجها؛ فنظر إلى الزوج فوجده أشعث غير نظيف الثياب؛ فقال: أدخلوه الحمام وألبسوه الأبيض. فلما جيء به نظيف الجسم، نظيف الثياب؛ قال لها: أتقيمين معه؟ قالت: نعم. فأصلح بينهما؛ وقال لمن حضره: تصنعوا لهن كما يتصنعن لكم.