{وَمَا صَاحِبُكُمْ} محمد {بِمَجْنُونٍ} وقد استدل الزمخشري بهذه الآيات على تفضيل الملك على الرسول؛ وهو استدلال باطل؛ لأنها لم ترد على سبيل التفضيل؛ بل جاءت تكذيباً لقولهم:
{إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ} وقولهم: {أَم بِهِ جِنَّةٌ} وهذا وإن كان فيه غلو من جانب الزمخشري في تفضيل الملك على الرسول؛ فقد تغالى أقوام بقولهم: إن عوام البشر: أفضل من عوام الملائكة. والذي أراه - ويراه كل منصف - أننا لو استثنينا الأنبياء عليهم الصلاة والسلام: كانت الملائكة أفضل من البشر؛ لما ميزهم الله تعالى به من الطاعة المطلقة {لاَّ يَعْصُونَ اللَّهَ مَآ أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ} وما اختصهم به من القرب {يُسَبِّحُونَ الْلَّيْلَ وَالنَّهَارَ لاَ يَفْتُرُونَ}(انظر آية ٢٩ من سورة الحجر)