للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

{كَذَلِكَ سَلَكْنَاهُ} أي القرآن: أدخلناه {فِي قُلُوبِ الْمُجْرِمِينَ} الكافرين: سلكناه في قلوبهم؛ بحيث يعقلونه - إذا أرادوا - أليس يعقل كل ما فيه؟ ويتفهمونه - إذا رغبوا - أليس معلوماً، وواضحاً مفهوماً؟ وذلك لأن تكذيبهم به - بعد دخوله في قلوبهم - أعظم كفراً، وأشد وزراً؛ من تكذيبهم لشيء لم يعلموه، ولم يفهموه، ولم يطرق لهم قلباً، أو يقرع لهم لباً؛ فإن المكذب بالحق بعد معرفته له: شر من المكذب لما لا يفقه، ولا يعرف. وقد سلكه الله تعالى في قلوبهم: إلزاماً لهم، وحجة عليهم لكنهم استكبروا استكباراً، وأصروا على كفرهم إصراراً: فلم يؤمنوا بما سلكه الله تعالى في قلوبهم، ويسره على أفهامهم. ونظيره قوله تعالى:

{وَجَحَدُواْ بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَآ أَنفُسُهُمْ ظُلْماً وَعُلُوّاً} وقوله جل شأنه؛ خطاباً للكفار «سيريكم آياته فتعرفونها» وقوله عز سلطانه: {وَلَقَدْ وَصَّلْنَا لَهُمُ الْقَوْلَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ} وقوله عز وجل: {إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِراً وَإِمَّا كَفُوراً} وقول الحكيم المتعال: {وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصَارَهُمْ كَمَا لَمْ يُؤْمِنُواْ بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ} وقوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ لاَ يَهْدِيهِمُ اللَّهُ}