{ثُمَّ قَفَّيْنَا} أتبعنا {عَلَى آثَارِهِم} أي على آثار نوح وإبراهيم ومن أرسلا إليهم {وَجَعَلْنَا فِي قُلُوبِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ} أي اتبعوا عيسى وآمنوا به، وكانوا على شرعته ومنهاجه {رَأْفَةً وَرَحْمَةً} وهما صفتان يمن الله تعالى بهما على من ارتضى من عباده، وجعله أهلاً لكرامته وجنته {وَرَهْبَانِيَّةً ابتَدَعُوهَا} أي اخترعوها؛ وهي أنهم كانوا يهجرون النساء، وكثيراً من المطاعم والملابس؛ بقصد التجرد من الملذات والشهوات، والتفرغ للعبادة {مَا كَتَبْنَاهَا} ما فرضناها {عَلَيْهِمْ} ولم يفعلوها {إِلاَّ ابْتِغَآءَ رِضْوَانِ اللَّهِ} قاصدين بها وجهه الكريم؛ لكن من أتى بعدهم، وأراد السير على نهجهم: انتظم في سلك الرهبانية؛ قاصداً بذلك الصوالح الدنيوية؛ لذلك وصفهم الله تعالى بقوله:{فَمَا رَعَوْهَا حَقَّ رِعَايَتِهَا} كالذين سبقوهم إليها، وفرضوها على أنفسهم؛ ابتغاء ثواب الله تعالى