{فَتَوَلَّوْاْ عَنْهُ مُدْبِرِينَ} أي أسرعوا بالابتعاد عنه.
وعلم التنجيم: علم قديم شائع ذائع. وقد شغف به كثير من المتقدمين، وأسسوا له أسساً، وبنوا له قواعد؛ وربطوا بين كل إنسان وما يتفق مع ولادته من طوالع الكواكب واقترانها، وقالوا بسعادة بعض الكواكب، ونحوسة بعضها. كما قالوا - تبعاً لذلك - بسعادة بعض المواليد، وشقاوة البعض الآخر. وما من شك أن هناك رابطة بين أجزاء الكائنات، وبالتالي بين الكواكب، وبين الكون الذي نحن فيه. كيف لا؛ والأرض كوكب من بين هاتيك الكواكب أما تعلق الكواكب بسعادة بعض الناس، وشقاوة البعض الآخر؛ فمما لا يسلم به الفكر السليم؛ فكثيراً ما نرى أناساً - لا حصر لهم - يموتون في الحروب؛ في وقت واحد، وآخرين يموتون في حرق أو غرق، وآخرين تحصدهم الأوبئة، وتجتاحهم الطواعين. فكيف اتفق لجميع هؤلاء الشقاوة والنحوسة، مع اختلاف طبائعهم، وتباين أوقات ميلادهم؟ وكثيراً ما نرى أيضاً الرجل صنو الرجل: في مولده، وفي معيشته، وفي دراسته؛ فيفترقان: هذا في قمة السعادة، وذروة المجد؛ وذاك في حضيض البؤس، ودرك الفقر