{يأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اسْتَجِيبُواْ للَّهِ} أجيبوه {وَلِلرَّسُولِ} محمد صلوات الله تعالى وسلامه عليه؛ بأن تطيعوه {إِذَا دَعَاكُم لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ} أي إذا دعاكم للإيمان الذي به تحيا النفوس، وبه تحيون الحياة الباقية أو {إِذَا دَعَاكُم} للجهاد وفي الجهاد حياتكم؛ وإلا فالموت والويل لمن يمكن أعداءه من نفسه، ومن دينه، ومن وطنه {وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ} قد أريد بالقلب هنا: العقل. قال تعالى:{لَهُمْ قُلُوبٌ لاَّ يَفْقَهُونَ بِهَا} أي إن الله تعالى يحول بين المرء وعقله؛ فيعمل بغير ما يمليه عليه؛ وقد حال الله تعالى - في الجهاد - بين المؤمنين وعقولهم؛ وكذلك حال أيضاً بين المشركين وعقولهم؛ قال تعالى:{وَإِذْ يُرِيكُمُوهُمْ إِذِ الْتَقَيْتُمْ فِي أَعْيُنِكُمْ قَلِيلاً وَيُقَلِّلُكُمْ فِي أَعْيُنِهِمْ} فلو لم يحل تعالى بين المؤمنين وقلوبهم: لانهزموا رعباً لكثرة المشركين وقوتهم، ولو لم يحل أيضاً بين المشركين وقلوبهم: لما استهانوا بالمؤمنين وأمكنوهم من أنفسهم؛ وذلك {لِّيَقْضِيَ اللَّهُ أَمْراً كَانَ مَفْعُولاً} وقد ذهب كثير من المفسرين - أثابهم الله - إلى أن معنى هذه الآية: أن الله تعالى يحول بين الكافر والإيمان وهو قول ظاهر البطلان؛ لا يجوز نسبته إلى الله تعالى وإنما أريد بالقلب هنا العقل كما بينا (انظر آيتي ١١٠ من سورة الأنعام، و٢٠٠ من سورة الشعراء)