{وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً} أي متوسطين بين الغلو والتفريط. ووسط كل شيء: أعدله. والطريقة الوسطى: المثلى. قال تعالى:{قَالَ أَوْسَطُهُمْ} أي أعدلهم حكماً، وأصوبهم رأياً
⦗٢٦⦘ {وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنتَ عَلَيْهَآ} وهي بيت المقدس {إِلاَّ لِنَعْلَمَ مَن يَتَّبِعُ الرَّسُولَ} فيما يذكره عن ربه؛ من تحويل القبلة من بيت المقدس إلى الكعبة {مِمَّن يَنقَلِبُ} يرجع {عَلَى عَقِبَيْهِ} أي يعود إلى الكفر الذي كان فيه {وَإِن كَانَتْ} التولية عن القبلة {لَكَبِيرَةٌ} شاقة صعبة؛ لأن كل تغيير في أمر من الأمور - خاصة إذا كان هذا الأمر جديداً في أوله: كالإسلام، وكان هاماً: كقبلة الصلاة - فإنه يكون صعباً وشاقاً على النفوس
{إِلاَّ عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ} وفقهم للإيمان، وهداهم للتصديق {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ} أي صلاتكم إلى القبلة الأولى. ولا يخفى ما في التعبير عن الصلاة بالإيمان: من تعظيم لشأنها، وإعلاء لقدرها؛ وأن من تمسك بأدائها، وحافظ على أوقاتها؛ فقد تمسك بالإيمان كله كيف لا وهي الناهية عن الفحشاء والمنكر:{اتْلُ مَا أُوْحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ} وهي فوق ذلك مذهبة الهموم، ومفرجة الكروب «كان إذا حزبه أمر فزع إلى الصلاة»{فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} جهته {وَإِنَّ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ} اليهود والنصارى {لَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِن رَّبِّهِمْ} أي ليعلمون أن تحويل القبلة هو الحق؛ لأنه معلوم عندهم، مدون في كتبهم