{وَلَوْ جَعَلْنَاهُ} أي الرسول إليهم {مَلَكاً} من السماء {لَّجَعَلْنَاهُ رَجُلاً} أي جعلناه على صورة رجل؛ ليستطيعوا رؤيته، ويقووا على مواجهته؛ لأنه لا قوة ولا طاقة للبشر على رؤية الملك على حقيقته؛ ولأن كل نوع يميل إلى نوعه، وكل جنس يألف لجنسه؛ والإنسان عن الإنسان أفهم، وطباعه بطباعه آنس؛ والإنسان لا يقوى على رؤية عفريت أو شيطان، فكيف برؤية الملك الذي يهلك قرية بصيحة، ويفني أمة برجفة؟ وقد كان جبريل عليه الصلاة والسلام ينزل لنبينا صلوات الله تعالى وسلامه عليه على صورة رجل؛ ليأنس إليه، ويطمئن إلى مخاطبته؛ ولم يره على صورته الحقيقية غير مرتين: مرة عند غار حراء؛ رآه ساداً للأفق، حاجباً للشمس؛ فغشي على النبي من عظمة ما رأى ورآه مرة أخرى عندما أسري به في السموات العلى
{عِندَ سِدْرَةِ الْمُنتَهَى} فتعالى الخالق المبدع المصور؛ الذي هدانا برسول من أنفسنا، نأنس إليه، ونلتمس غنى الدارين من يديه {وَلَلَبَسْنَا عَلَيْهِم}
⦗١٥٢⦘ لخلطنا عليهم {مَّا يَلْبِسُونَ} على أنفسهم؛ بأن يقولوا على الملك الذي أنزلناه في صورة رجل {مَا هَذَا إِلاَّ بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ}