{قَالَ ينُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ} إشارة إلى أن الكفر يبعد القرباء، والإيمان يقرب البعداء ألا ترى إلى قوله تعالى:{لاَّ يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَآءَ مِن دُونِ الْمُؤْمِنِينَ} وقوله عز وجل {وَالَّذينَ كَفَرُواْ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَآءُ بَعْضٍ} وقوله جل شأنه {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَآءُ بَعْضٍ} ولذا قال تعالى: {إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ}{إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ} وقد ذهب بعض المفسرين إلى أنه كان ابن زنا؛ بدليل قوله تعالى:{إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ} أي {إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ} أصلاً؛ لأنه نتيجة عمل غير صالح، وقوله جل شأنه عن زوجتي نوح ولوط عليهما السلام {كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ فَخَانَتَاهُمَا} وقد أورد هذا المعنى ابن جرير الطبري بأكثر من عشر طرق رواية؛ وقد حلف بعض التابعين أنه ليس بابنه.
واحتج على من قال ذلك بقوله تعالى:{وَنَادَى نُوحٌ ابْنَهُ} وبأنه لا يجوز أن يحدث زنا في بيت من بيوت النبوة؛ ولو أن الكفر حدث في بيوتهم، ومن المقطوع به أن الزنا من الذنوب التي يقلع عنها، ويستغفر منها؛ وهو دون الكفر