{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ} قائمين بالعدل في كل شيء {شُهَدَآءِ للَّهِ} أي تقيمون الشهادة لا تبتغون بها سوى وجه الله بدون تحيز أو محاباة {وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ} أي ولو كانت تلك الشهادة على أنفسكم، أو على آبائكم، أو أقاربكم؛ فلا تعوقكم القرابة، ولا المنفعة عن أداء الشهادة على وجهها الأكمل ولا يحل كتمانها؛ لأن فيه من ضياع الدماء والأموال والحقوق ما فيه (انظر آية ٢٨٣ من سورة البقرة){إِن يَكُنْ} المشهود ضده فلا يمتنع عن أداء الشهادة عليه لغناه، طلبا لرضاه؛ فرضا الله تعالى أحق أن يطلب {أَوْ فَقَيراً} فلا يمتنع عنها عطفاً عليه، ورحمة به {فَاللَّهُ أَوْلَى بِهِمَا} أي حكمه تعالى وقضاؤه أولى بأن ينزل عليهما {وَلاَ تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ}{فَلاَ تَتَّبِعُواْ الْهَوَى أَن تَعْدِلُواْ} أي فلا تتبعوا هواكم بأن تعدلوا عن الحق؛ فتضيعوا حقوق الخلق {وَإِن تَلْوُواْ} أيها الشهداء في شهاداتكم فتحرفوها {أَوْ تُعْرِضُواْ} عن أدائها {فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيراً} فيجازيكم عليه. وقيل نزلت الآية في الحكام؛ لا في الشهداء {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ} بالرسل السابقين؛ وهم أهل الكتاب من اليهود والنصارى: فاليهود آمنت بالتوراة وبمن جاء بها؛ وكذبت بالإنجيل والقرآن وبمن جاء بهما. والنصارى آمنت بالإنجيل وألهت من جاء به، وكذبت بالفرقان ومن جاء به صلوات الله تعالى وسلامه عليه، وعلى سائر أنبيائه وملائكته فنزل الخطاب لهؤلاء: