{يَأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لَيَبْلُوَنَّكُمُ} ليختبرنكم {اللَّهُ بِشَيْءٍ مِّنَ الصَّيْدِ} يسوقه إليكم؛ بحيث إنه {تَنَالُهُ أَيْدِيكُمْ} بالإمساك؛ كصغار الوحش، وضعاف الطير وفراخه وبيضه تناله {وَرِمَاحُكُمْ}؛ وذلك الابتلاء {لِيَعْلَمَ اللَّهُ} علم ظهور؛ إذ هو جل شأنه عالم بما كان وسيكون {مَن يَخَافُهُ بِالْغَيْبِ} أي من يخشاه؛ مع أنه غائب عنه لا يراه {فَمَنِ اعْتَدَى بَعْدَ ذلِكَ} فاصطاد {فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ} لاستهانته بأوامر الله تعالى، وارتكابه ما نهى عنه، واستحلاله ما حرم والتكاليف: امتحان من الله تعالى لعبيده؛ وقد تكون المغفرة، وقد يكون التعذيب: بقدر تسلط الطبيعة البشرية على النفس وعدم تسلطها؛ فكلما كان تسلط الطبيعة قاسياً ومستحكماً على النفس؛ كانت مغفرة الله تعالى أدنى من المذنب - طالما أقلع عن ذنبه، ولجأ إلى ربه - وكلما كان ارتكاب الإثم واقعاً تحت الاختيار المحض، والرغبة المطلقة: كان الذنب أقبح، والجرم أفدح وكانت العقوبة أشد - لاستهانة النفس بوعد خالقها ووعيده - لذا توعد الله تعالى من اصطاد في الإحرام، بالتعذيب والإيلام وإلا فأي دافع يدفع المحرم إلى الصيد؟ وأي حافز له إلى ذلك غير المخالفة لأوامر الله تعالى، وعدم الاعتداد بنواهيه لذلك وجبت له الجحيم، وحق عليه العذاب الأليم