{وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَآ إِلَيْكَ رُوحاً} هو القرآن الكريم؛ إذ فيه حياة القلوب من موت الجهل؛ بل هو روح الأرواح أو المراد بالروح: جبريل عليه الصلاة والسلام {مِّنْ أَمْرِنَا} أي بأمرنا الذي نوحيه إليك؛ و {مَا كُنتَ تَدْرِي} من قبل أن نوحي إليك {مَا} هو {الْكِتَابُ وَلاَ} ما هو {الإِيمَانُ} والمقصود بالإيمان الذي لم يكن يدريه محمدبن عبد الله؛ صلوات الله تعالى وسلامه عليه - وقد اختاره الله تعالى لهداية العالمين؛ وهو في أصلاب آبائه وأجداده - إنما أريد به شرائع الإيمان، وأحكامه، ومعالمه. وقد تعاضدت الأخبار والآثار على تنزيه الأنبياء عليهم الصلاة والسلام عن النقائص منذ ولدوا، ونشأتهم على التوحيد منذ درجوا، وإحاطتهم بأنواع المنن واللطائف، وإشراق أنوار المعارف وليس محمد بأقل شأناً من يحيى - وقد أوتي الحكم صبياً - ومن عيسى - وقد أوتي الكتاب وجعل نبياً في مهده - ولا من إبراهيم - وقد أوتي رشده من قبل - صلوات الله تعالى وسلامه على سائر أنبيائه ورسله أو المعنى:{مَا كُنتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ} لولا الرسالة {وَلاَ الإِيمَانُ} لولا الهداية {وَلَكِن جَعَلْنَاهُ} أي القرآن {نُوراً} ينير القلوب والنفوس، ويجلو الأبصار والبصائر، ويشرح الصدور؛ فهو نور النور {نَّهْدِي بِهِ مَن نَّشَآءُ مِنْ عِبَادِنَا} الذين انقادوا لأمرنا، واستمعوا لكلامنا:
رب إن الهدى هداك وآيا
تك نور تهدي بها من تشاء
{وَإِنَّكَ لَتَهْدِي} بما به هديت، وترشد إلى ما به رشدت {إِلَى صِرَاطٍ} طريق {مُّسْتَقِيمٍ} واضح، بين الاستقامة