{ادْعُواْ رَبَّكُمْ} اعبدوه {تَضَرُّعاً} تذللاً واستكانة لطاعته {وَخُفْيَةً} بخشوع قلوبكم، وصحة يقينكم؛ لا مجاهرين بذلك؛ بقصد المراءاة؛ كشأن أهل النفاق ولقد كان من سبقنا من علية القوم ما من عمل يقدرون على أن يعملوه في السر؛ فيكون علانية أبداً، وكانوا لا يعملون في الجهر إلا ما قصد به وعظ الغير إلى ما اتعظوا به، وهدايتهم إلى ما اهتدوا أو أريد بالدعاء: السؤال والطلب؛ وقد كانوا يجهدون في الدعاء؛ فلا يسمع لهم صوت
⦗١٨٧⦘ إن كان فلا يكون إلا همساً بينهم وبين ربهم - هذا وقد ذكر الله عبداً صالحاً من عباده فرضي فعله؛ فقال {إِذْ نَادَى رَبَّهُ نِدَآءً خَفِيّاً}{إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ}
المتجاوزين للحد في رفع الصوت بالدعاء، أو المتجاوزين لحد الأدب في الدعاء؛ كمن يطلب رتبة النبيين، أو كمن يسأل ما لا يجوز عقلاً؛ ومن المعلوم أن إرادة الله تعالى لا تتعلق بمستحيل، فلا يجوز أن يدعو إنسان ربه قائلاً: يا رب اجعل هذا النهر لبناً سائغاً، أو عسلاً صافياً؛ فهذا - ولو أنه غير مستحيل على قدرة الله تعالى - فإنه مستحيل عقلاً وعادة؛ ومثل هذا الداعي ساخر بدينه، مستهزىء بربه