{وَمِنَ النَّاسِ وَالدَّوَآبِّ وَالأَنْعَامِ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ كَذَلِكَ} الاختلاف الظاهر في الثمرات، والجبال والطرق {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ} حق خشيته، ويعرفه حق معرفته {مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ} الذين يعلمون رحمته ونقمته، وعفوه وبطشه، وحلمه وقهره، ومغفرته وعذابه؛ ويعلمون أنه تعالى على كل شيء قدير
والعلم: هو في نفسه غاية الغايات، ونهاية النهايات؛ ألا ترى أنه يرشدك إلى بارئك، ويلهمك ما ينجيك، ويطلق عقلك من عقال الأوهام، ويقاوم التعصب والتقليد؛ وينزه فكرك من القيود، ويوصلك إلى المعرفة الخالصة، والحق المجرد وكل علم لا يصل بك إلى هذا المستوى؛ فليس بعلم
والعلم أيضاً وسيلة سامية، لغايات بالغة السمو: فبغير العلم لا تستطيع أن تعالج مشاكل الحياة علاجاً سليماً محكماً، وبغيره لا تستطيع أن تحمي نفسك وتدفع عنها إيذاء المؤذين، وعدوان المعتدين
فالعلم إذن يجمع بين الحق والقوة، والسعادة والسيادة، والعظمة والسلطان. فبالعلم استطاع الإنسان - في دفاعه عن نفسه - أن يستعمل اللسان والسنان، وبالعلم استطاع أن يسخر الماء والهواء، والبخار والكهرباء؛ حتى صار الإنسان بعلمه: كمن يضع في أصبعه خاتم سليمان، ويجلس على بساطه
أما رجال السياسة؛ فهم - رغم غزارة علمهم، وسعة مداركهم - غير جديرين بشرف الانتساب إلى العلم: لأنهم جعلوه وسيلة للخسران، لا للعمران، وللفناء، لا للبقاء ومثلهم في ذلك كمثل إبليس: