{وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَآءُ بَعْضٍ} أي هم لبعض أنصار وأعوان؛ لأنهم {يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ} بالإيمان، والاستقامة {وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ} وهو كل ما ينكره العرف والشرع {وَيُقِيمُونَ الصَّلاَةَ} في أوقاتها {وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ} المفروضة {وَيُطِيعُونَ اللَّهَ} فيما أمر به، ونهى عنه {وَرَسُولُهُ} فيما سنه لأمته من كريم الفعال، وحميد الخصال {أُوْلَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ}.
يا معشر المؤمنين: لقد جاءكم البشير النذير، بقول الرحمن الرحيم {أُوْلَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ} فأي شيء تبتغون فوق رحمته؟ وأي شيء تطلبون بعد جنته؟ ولم يجعل جل شأنه سبب الوصول إلى رحمته عسيراً شاقاً؛ بل هو طلبة كل إنسان كامل، وبغية كل شخص عاقل وقد وصف الله تعالى أولئك الذين اصطفاهم لجنته، واختصهم برحمته بقوله:{يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ} فهل ترى أيها المؤمن العاقل أن النهي عن المعروف، والأمر بالمنكر؛ أولى وأجدر من الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر؟
ووصفهم تعالى أيضاً بإقامة الصلاة:{وَيُقِيمُونَ الصَّلاَةَ} وإقامتها - كما تعلم - قيام بشكره تعالى على ما وهب من واسع العطاء، وأنعم من مزيد النعم؛ وابتهال إليه تعالى ليمنّ بالهداية إلى دينه القويم، وصراطه المستقيم
ووصفهم جل شأنه بإيتاء الزكاة:{وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ} فهل ترى أيها المتقلب في نعمة الله، المتمتع بهباته وفيوضاته؛ أن تأكل كما تأكل الأنعام فلا تلتفت إلى من هم دونك من الأنام؛ وتذرهم يموتون عرياً،
⦗٢٣٥⦘ ويتضورون جوعاً؟ وهل هذا شأن بني الإنسان؛ الذين فضلهم ربهم على كثير ممن خلق تفضيلاً، وميزهم بالعقل الراجح، والقلب الرحيم.
ووصفهم تعالى أيضاً بأحسن ما يوصف به العباد المقربون؛ وهل يقرب الإنسان من ربه سوى طاعته؟ {وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ} وهل تجب على العاقل طاعة الشيطان، أم طاعة الرحمن؟ هل تجب طاعة من يدعوك إلى الجنة، أم من يدعوك إلى النار؟ إن الله تعالى قد ألبسك ثوب محبته ودعاك إلى جنته، ووعدك بمزيد رحمته فهلم - يا رعاك الله وهداك - إلى رحمة الله رحمنا الله تعالى وإياك، ووهبنا مزيد رضوانه ووفقنا لما يؤهلنا إلى فيض إحسانه