{اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ} أي منورهما، والهادي فيهما إلى الطريق القويم، والصراط المستقيم
ولما كان النور: هو الذي يرشد الإنسان إلى مواطن الضرر والخطر، ويهديه إلى طرق الأمن والسلامة؛ ولولاه لتردى الإنسان في مهاوي البيداء، ومهامه الصحراء
ولما كان الله تعالى هو الهادي إلى أقوم الطرق، وأوضح السبل؛ كان وصفه جل شأنه بالنور: هو الجامع لصفاته العلية، الموضح لحاجة الكل إليه، واعتمادهم عليه وإلا فليس بعد النور الإلهي سوى دياجير الظلمات، المبعدة عن الرحمات والجنات فتمسك - يا رعاك الله - بنورالله: يهدك سبل الرشاد والسداد «ومن لم يجعل الله له نوراً فما له من نور»{مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ} وهي الكوة غير النافذة في الجدار {الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا} في صفائه وبريقها {كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ} مضيء؛ نسبة إلى الدر الذي يضيء لشدة لمعانه {يُوقَدُ} ذلك الكوكب الدري {مِن شَجَرَةٍ مُّبَارَكَةٍ} أي ليست كسائر الشجر؛ بل «من شجرة» بورك فيها وعليها {لاَّ شَرْقِيَّةٍ وَلاَ غَرْبِيَّةٍ} أي بينهما؛ فلا يتمكن منها حر ولا برد يضرانها {يَكَادُ زَيْتُهَا} لشدة صفائها {يُضِيءُ} بنفسه {نُّورٌ عَلَى نُورٍ} ضوء الزيت، وضوء النار. أو هو نور الله تعالى - وهو هدايته للمؤمن - على نور المؤمن - وهو اهتداؤه بنفسه إلى خالقه، واختياره للإيمان. وانصرافه عن داعي الشيطان - وهو النور الذي يبدؤه المؤمن باختياره؛ فيذكيه مولاه تفضلاً وتكريماً منه تعالى لمن أكرم
⦗٤٢٩⦘ نفسه، وسما بروحه؛ فينبثق النور من القلب؛ فتشتعل جذوة الإيمان، وتبعث الأعضاء على الانقياد والعبادة؛ فيصير الإنسان الترابي نورانياً: يأمر الأقدار فتطيعه، ويقسم فيبر الله قسمه، ويرغب فينقاد إليه كل شيء طوعاً وكرهاً بإذن الحنان المنان، الرحيم الرحمن {يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ} أي للإيمان به